المسألة السابعة : قوله : { لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله    } 
اختلف السلف فيها ، فمنهم من قال : { لا تأخذكم بهما رأفة    } فتسقطوا الحد . ومنهم من قال : { لا تأخذكم بهما رأفة    } فتخففوا الحد ; وهو عندي محمول عليهما جميعا ; فلا يجوز أن تحمل أحدا رأفة على زان بأن يسقط الحد أو يخففه عنه . 
وصفة الضرب  أن يكون سوطا بين السوطين ، وضربا بين الضربين ، وتستوي في ذلك الحدود كلها . 
وقال  أبو حنيفة    : لا سواء بين الحدود ، ضرب الزاني  أشد من ضرب القذف ، وضرب القذف أشد من ضرب الشرب ، وكأنهم نظروا صورة الذنب ، فركبوا عليه صفة العقوبة ، والشرب أخف من القذف ، والقذف أخف من الزنا ; فحملوه عليه وقرنوه به . 
وقد روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد أصاب حدا ، وأتي بسوط شديد ، فقال : دون هذا . وأتي بسوط دونه ، فقال : فوق هذا   } .  [ ص: 335 ] 
وأمر  عمر  برجل يضرب الحد ، فقال له : " لا ترفع إبطك " . وعنه : أنه اختار سوطا بين السوطين . ويفرق عليه الضرب في ظهره ، وتجتنب مقاتله ، ولا خلاف فيه . 
وهذا ما لم يتتابع الناس في الشر ، ولا احلولت لهم المعاصي ، حتى يتخذوها ضراوة ، ويعطف الناس عليهم بالهوادة ، فلا يتناهوا عن منكر فعلوه ; فحينئذ تتعين الشدة ، ويزيد الحد ، لأجل زيادة الذنب . 
وقد أتي  عمر  بسكران في رمضان ، فضربه مائة : ثمانين حد الخمر ، وعشرين لهتك حرمة الشهر ; فهكذا يجب أن تتركب العقوبات على تغليظ الجنايات ، وهتك الحرمات . 
وقد لعب رجل بصبي ، فضربه الوالي ثلاثمائة سوط ، فلم يغير ذلك  مالكا  حين بلغه ، فكيف لو رأى زماننا هذا بهتك الحرمات والاستهتار بالمعاصي ، والتظاهر بالمناكر ، وبيع الحدود ، واستيفاء العبيد لها في منصب القضاة ؟ ; لمات كمدا ، ولم يجالس أحدا ; وحسبنا الله ونعم الوكيل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					