[ ص: 153 ] قوله تعالى : ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون     . 
فيه مسألتان : 
الأولى : قوله تعالى : ثم جعلناك على شريعة من الأمر  الشريعة في اللغة : المذهب والملة . ويقال لمشرعة الماء - وهي مورد الشاربة - : شريعة . ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد . فالشريعة : ما شرع الله لعباده من الدين ، والجمع : الشرائع . والشرائع في الدين : المذاهب التي شرعها الله لخلقه . فمعنى : جعلناك على شريعة من الأمر أي : على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق . وقال ابن عباس    : على شريعة أي : على هدى من الأمر . قتادة    : الشريعة : الأمر والنهي والحدود والفرائض . مقاتل    : البينة ; لأنها طريق إلى الحق . الكلبي    : السنة ; لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء . ابن زيد    : الدين ; لأنه طريق النجاة . قال  ابن العربي    : والأمر يرد في اللغة بمعنيين : أحدهما : بمعنى الشأن كقوله : فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد . والثاني : أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي . وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا ، وتقديره : ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملة الإسلام ، كما قال تعالى : ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين    . 
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه . 
الثاني : قال  ابن العربي    : ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ;  لأن الله تعالى أفرد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته في هذه الآية بشريعة ، ولا ننكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته منفردان بشريعة ، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا . 
قوله تعالى : ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون  يعني المشركين . وقال ابن عباس    : قريظة  والنضير    . وعنه : نزلت لما دعته قريش  إلى دين آبائه . 
 [ ص: 154 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					