قوله تعالى : قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين    . 
قوله تعالى : قل أرأيتم إن كان من عند الله   يعني القرآن . وكفرتم به  وقال الشعبي    : المراد محمد  صلى الله عليه وسلم . وشهد شاهد من بني إسرائيل  قال ابن عباس  والحسن  وعكرمة  وقتادة  ومجاهد    : هو  عبد الله بن سلام  ، شهد على اليهود  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مذكور في التوراة ، وأنه نبي من عند الله . وفي الترمذي  عنه : ونزلت في آيات من كتاب الله ، نزلت في : وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين  وقد تقدم في آخر سورة ( الرعد ) وقال مسروق    : هو موسى  والتوراة ، لا ابن سلام ;  لأنه أسلم بالمدينة  والسورة مكية . وقال : وقوله : وكفرتم به  مخاطبة لقريش    . الشعبي    : هو من آمن من بني إسرائيل  بموسى  والتوراة ; لأن ابن سلام  إنما أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعامين ، والسورة مكية . قال القشيري    : ومن قال الشاهد موسى  قال السورة مكية ، وأسلم ابن سلام  قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعامين . ويجوز أن تكون الآية نزلت بالمدينة  وتوضع في سورة مكية ، فإن الآية كانت تنزل فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ضعوها في سورة كذا   . والآية في محاجة المشركين ، ووجه الحجة أنهم كانوا يراجعون اليهود  في أشياء ، أي : شهادتهم لهم وشهادة نبيهم لي من أوضح الحجج . ولا يبعد أن تكون السورة في محاجة اليهود  ، ولما جاء ابن سلام  مسلما من قبل أن تعلم اليهود  بإسلامه قال : يا رسول الله ، اجعلني حكما بينك وبين اليهود  ، فسألهم عنه : [ أي رجل هو   [ ص: 177 ] فيكم ؟ ] قالوا : سيدنا وعالمنا . فقال : [ إنه قد آمن بي ] فأساءوا القول فيه . . . الحديث ، وقد تقدم . قال ابن عباس    : رضيت اليهود  بحكم ابن سلام  ، وقالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن يشهد لك آمنا بك ، فسئل فشهد ثم أسلم   . 
على مثله  أي على مثل ما جئتكم به ، فشهد موسى  على التوراة ومحمد  على القرآن . وقال الجرجاني    . ( مثل ) صلة ، أي : وشهد شاهد  عليه أنه من عند الله . فآمن أي هذا الشاهد . واستكبرتم  أنتم عن الإيمان . وجواب إن كان محذوف تقديره : فآمن أتؤمنون ، قال الزجاج    . وقيل : فآمن واستكبرتم  أليس قد ظلمتم ، يبينه إن الله لا يهدي القوم الظالمين  وقيل : فآمن واستكبرتم  أفتأمنون عذاب الله . وأرأيتم لفظ موضوع للسؤال والاستفهام ، ولذلك لا يقتضي مفعولا . وحكى النقاش  وغيره : أن في الآية تقديما وتأخيرا ، وتقديره : قل أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل  فآمن هو وكفرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين    . 
				
						
						
