القول في تأويل قوله ( ومن لم يستطع منكم طولا    ) 
قال أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في معنى : " الطول " الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية . 
فقال بعضهم : هو الفضل والمال والسعة . 
ذكر من قال ذلك : 
9049 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قوله : ومن لم يستطع منكم طولا  ، قال : الغنى . 
9050 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  مثله . 
9051 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : ومن لم يستطع منكم طولا  ، يقول : من لم يكن له سعة . 
9052 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : ومن لم يستطع منكم طولا  ، يقول : من لم يستطع منكم سعة . 
9053 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثنا هشيم  قال :  [ ص: 183 ] حدثنا أبو بشر ،  عن سعيد بن جبير  قوله : ومن لم يستطع منكم طولا  ، قال : الطول الغنى . 
9054 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  حبان بن موسى  قال : أخبرنا ابن المبارك  قال : أخبرنا هشيم ،  عن أبي بشر ،  عن سعيد بن جبير  في قوله : ومن لم يستطع منكم طولا  ، قال : الطول السعة . 
9055 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن المفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : ومن لم يستطع منكم طولا  ، أما قوله : " طولا " فسعة من المال . 
9056 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ومن لم يستطع منكم طولا  ، الآية ، قال : " طولا " لا يجد ما ينكح به حرة . 
وقال آخرون : معنى " الطول " في هذا الموضع : الهوى . 
ذكر من قال ذلك : 
9057 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : حدثني عبد الجبار بن عمر ،  عن ربيعة   : أنه قال في قوله الله : ومن لم يستطع منكم طولا  قال : الطول الهوى . قال : ينكح الأمة إذا كان هواه فيها . 
9058 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد   : كان ربيعة  يلين فيه بعض التليين ، كان يقول : إذا خشي على نفسه إذا أحبها - أي الأمة - وإن كان يقدر على نكاح غيرها ، فإني أرى أن ينكحها . 
 [ ص: 184 ]  9059 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  حبان بن موسى  قال : أخبرنا ابن المبارك  قال : أخبرنا حماد بن سلمة ،  عن  أبي الزبير ،  عن جابر   : أنه سئل عن الحر يتزوج الأمة  ، فقال : إن كان ذا طول فلا . قيل : إن وقع حب الأمة في نفسه ؟ قال : إن خشي العنت فليتزوجها . 
9060 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير ،  عن منصور ،  عن عبيدة ،  عن الشعبي  قال : لا يتزوج الحر الأمة ، إلا أن لا يجد وكان إبراهيم  يقول : لا بأس به  . 
9061 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  حبان بن موسى  قال : أخبرنا ابن المبارك  قال : أخبرنا  ابن جريج  قال : سمعت عطاء  يقول : لا نكره أن ينكح ذو اليسار اليوم الأمة ، إذا خشي أن يشقى بها  . 
قال أبو جعفر   : وأولى القولين في ذلك بالصواب - قول من قال : معنى " الطول " في هذا الموضع ، السعة والغنى من المال ، لإجماع الجميع على أن الله تبارك وتعالى لم يحرم شيئا من الأشياء - سوى نكاح الإماء لواجد الطول إلى الحرة - فأحل ما حرم من ذلك عند غلبة المحرم عليه له ، لقضاء لذة . فإذ كان ذلك إجماعا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطول ، فمثله في التحريم نكاح الإماء لواجد الطول  لا يحل له من أجل غلبة هوى عنده فيها ، لأن ذلك - مع وجوده  [ ص: 185 ] الطول إلى الحرة - منه قضاء لذة وشهوة ، وليس بموضع ضرورة ترفع برخصة ، كالميتة للمضطر الذي يخاف هلاك نفسه ، فيترخص في أكلها ليحيي بها نفسه ، وما أشبه ذلك من المحرمات اللواتي رخص الله لعباده في حال الضرورة والخوف على أنفسهم الهلاك منه - ما حرم عليهم منها في غيرها من الأحوال . ولم يرخص الله تبارك وتعالى لعبد في حرام لقضاء لذة . وفي إجماع الجميع على أن رجلا لو غلبه هوى امرأة حرة أو أمة ، أنها لا تحل له إلا بنكاح أو شراء على ما أذن الله به - ما يوضح فساد قول من قال : " معنى الطول في هذا الموضع : الهوى " وأجاز لواجد الطول لحرة نكاح الإماء . 
فتأويل الآية إذ كان الأمر على ما وصفنا : ومن لم يجد منكم سعة من مال لنكاح الحرائر ، فلينكح مما ملكت أيمانكم . 
وأصل " الطول " الإفضال : يقال منه : " طال عليه يطول طولا " في الإفضال و " طال يطول طولا " في الطول الذي هو خلاف القصر . 
				
						
						
