[ ص: 485 ] القول في تأويل قوله ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين   ( 55 ) )  
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : ادعوا ، أيها الناس ، ربكم وحده ، فأخلصوا له الدعاء ، دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام " تضرعا " ، يقول : تذللا واستكانة لطاعته " وخفية " ، يقول بخشوع قلوبكم ، وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما بينكم وبينه ، لا جهارا ومراءاة ، وقلوبكم غير موقنة بوحدانيته وربوبيته ، فعل أهل النفاق والخداع لله ولرسوله ، كما : - 
14777 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا سويد بن نصر  قال ، أخبرنا ابن المبارك ،  عن المبارك بن فضالة ،  عن الحسن  قال : إن كان الرجل لقد جمع القرآن ، وما يشعر جاره ، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير ، وما يشعر به الناس ، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزور ، وما يشعرون به . ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا! ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء ، وما يسمع لهم صوت ، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم ، وذلك أن الله يقول : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية   " ، وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا فرضي فعله فقال : ( إذ نادى ربه نداء خفيا   ) ، [ سورة مريم : 3 ]  .  [ ص: 486 ] 
14778 - حدثنا ابن حميد  قال ، حدثنا جرير ،  عن عاصم الأحول ،  عن  أبي عثمان النهدي ،  عن أبي موسى  قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فأشرفوا على واد يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم ، فقال : أيها الناس ، اربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا! إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم  " . 
14779 - حدثنا القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن  عطاء الخراساني ،  عن ابن عباس  قوله : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية   " ، قال : السر  . 
وأما قوله : " إنه لا يحب المعتدين   " ، فإن معناه : إن ربكم لا يحب من اعتدى فتجاوز حده الذي حده لعباده في دعائه ومسألته ربه ، ورفعه صوته فوق الحد الذي حد لهم في دعائهم إياه ومسألتهم ، وفي غير ذلك من الأمور ، كما : - 
14780 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال ، حدثنا معتمر بن سليمان  قال ، أنبأنا إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان ،  عن عباد بن عباد ،  عن علقمة ،  عن أبي مجلز   : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين   " ، قال : لا يسأل منازل الأنبياء عليهم السلام  . 
14781 - حدثني القاسم  قال ، حدثنا الحسين  قال ، حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن  عطاء الخراساني ،  عن ابن عباس   : " إنه لا يحب المعتدين   " ،  [ ص: 487 ] في الدعاء ولا في غيره قال  ابن جريج   : إن من الدعاء اعتداء ، يكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء ، ويؤمر بالتضرع والاستكانة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					