( إذ نادى ربه نداء خفيا     ( 3 ) قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا    ( 4 ) وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا    ( 5 ) يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا    ( 6 ) ) 
( إذ نادى ) دعا ( ربه ) في محرابه ( نداء خفيا ) دعا سرا من قومه في جوف الليل . ( قال رب إني وهن    ) ضعف ورق ( العظم مني ) من الكبر . قال قتادة    : اشتكى سقوط الأضراس ( واشتعل الرأس    ) أي : ابيض شعر الرأس ( شيبا ) شمطا ( ولم أكن بدعائك رب شقيا    ) يقول : عودتني الإجابة فيما مضى ولم تخيبني . 
وقيل : معناه لما دعوتني إلى الإيمان آمنت ولم أشق بترك الإيمان . ( وإني خفت الموالي    ) و " الموالي " : بنو العم . قال مجاهد    : العصبة . وقال أبو صالح    : الكلالة . وقال الكلبي    : الورثة ( من ورائي ) أي : من بعد موتي . 
قرأ ابن كثير    : " من ورائي " بفتح الياء ، والآخرون بإسكانها . 
( وكانت امرأتي عاقرا    ) لا تلد ( فهب لي من لدنك    ) أعطني من عندك ( وليا ) ابنا . ( يرثني ويرث من آل يعقوب    ) قرأ أبو عمرو   والكسائي    : بجزم الثاء فيهما ، على جواب الدعاء ، وقرأ الآخرون بالرفع على الحال والصفة ، أي : وليا وارثا . 
واختلفوا في هذا الإرث; قال الحسن    : معناه يرثني مالي ويرث من آل يعقوب  النبوة والحبورة .   [ ص: 219 ] 
وقيل : أراد ميراث النبوة والعلم . 
وقيل : أراد إرث الحبورة ، لأن زكريا   كان رأس الأحبار . 
قال الزجاج    : والأولى أن يحمل على ميراث غير المال؛ لأنه يبعد أن يشفق زكريا  وهو نبي من الأنبياء أن يرثه بنو عمه ماله . 
والمعنى : أنه خاف تضييع بني عمه دين الله وتغيير أحكامه على ما كان شاهده من بني إسرائيل  ، من تبديل الدين وقتل الأنبياء ، فسأل ربه وليا صالحا يأمنه على أمته ويرث نبوته وعلمه لئلا يضيع الدين . وهذا معنى قول عطاء  عن ابن عباس  رضي الله عنهما . 
( واجعله رب رضيا    ) أي برا تقيا مرضيا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					