[ ص: 339 ]   ( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم    ( 17 ) ) 
قوله تعالى : ( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم     ) قال مجاهد  سبب هذه الآية أنهم لما انصرفوا عن القتال كان الرجل يقول : أنا قتلت فلانا ويقول الآخر مثله ، فنزلت الآية . ومعناه : فلم تقتلوهم أنتم بقوتكم ولكن الله قتلهم بنصره إياكم وتقويته لكم . 
وقيل : لكن الله قتلهم بإمداد الملائكة . 
( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى    ) قال أهل التفسير والمغازي : ندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس ، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا  ، ووردت عليهم روايا قريش  ، وفيهم أسلم ، غلام أسود لبني الحجاج  ، وأبو يسار ، غلام لبني العاص بن سعيد  ، فأتوا بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهما : أين قريش؟  قالا هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى - والكثيب : العقنقل - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهما : كم القوم؟ قالا كثير ، قال : ما عدتهم؟ قالا لا ندري ، قال : كم ينحرون كل يوم؟ قالا يوما عشرة ويوما تسعة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " القوم ما بين التسعمائة إلى الألف " ثم قال لهما : فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا عتبة بن ربيعة  ، وشيبة بن ربيعة  ، وأبو البختري ابن هشام  ،  وحكيم بن حزام  ، والحارث بن عامر  ، وطعيمة بن عدي  ، والنضر بن الحارث  ، وأبو جهل بن هشام  ، وأمية بن خلف  ، ونبيه  ومنبه  ابنا الحجاج ،  وسهيل بن عمرو    . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذه مكة  قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها " فلما أقبلت قريش  ورآها رسول الله تصوب من العقنقل ، وهو الكثيب الذي جاءوا منه إلى الوادي ، قال لهم : هذه قريش  قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، فأتاه جبريل  عليه السلام وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فلما التقى الجمعان تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفا من حصى عليه تراب ، فرمى به في وجوه القوم ، وقال : شاهت   [ ص: 340 ] الوجوه ، فلم يبق منهم مشرك إلا دخل في عينيه وفمه ومنخريه منها شيء ، فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم   . 
وقال قتادة  ، وابن زيد    : ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ يوم بدر  ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم وبحصاة في ميسرة القوم وبحصاة بين أظهرهم ، وقال : شاهت الوجوه ، فانهزموا ، فذلك قوله تعالى : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى    " ، إذ ليس في وسع أحد من البشر أن يرمي كفا من الحصا إلى وجوه جيش فلا يبقى فيهم عين إلا ويصيبها منه شيء . 
وقيل : معنى الآية وما بلغت إذ رميت ولكن الله بلغ . 
وقيل : وما رميت بالرعب في قلوبهم إذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب في قلوبهم حتى انهزموا ، ( وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا    ) أي : ولينعم على المؤمنين نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة ، ( إن الله سميع ) لدعائكم ، ( عليم ) بنياتكم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					