[ ص: 78 ]   ( فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون    ( 76 ) فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون    ( 77 ) ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب    ( 78 ) الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم    ( 79 ) . 
" فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون    " . ( فأعقبهم    ) فأخلفهم ، ( نفاقا في قلوبهم    ) أي : صير عاقبة أمرهم النفاق ، يقال : أعقب فلانا ندامة إذا صير عاقبة أمره ذلك . وقيل : عاقبهم بنفاق قلوبهم . يقال : عاقبته وأعقبته بمعنى واحد . ( إلى يوم يلقونه    ) يريد حرمهم التوبة إلى يوم القيامة ، ( بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون    ) . 
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي  ، حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني  ، حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري  ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني  ، حدثنا علي بن حجر  ، حدثنا إسماعيل بن جعفر  أخبرنا أبو سهيل نافع بن مالك  عن أبيه عن  أبي هريرة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :   " آية المنافق  ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان "   . 
قوله عز وجل : ( ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم    )  يعني : ما أضمروا في قلوبهم وما تناجوا به بينهم ، ( وأن الله علام الغيوب    ) . 
قوله عز وجل : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات    ) الآية . 
قال أهل التفسير : حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة  ، فجاء عبد الرحمن بن عوف  بأربعة آلاف درهم ، وقال : يا رسول الله مالي ثمانية آلاف جئتك بأربعة آلاف فاجعلها في سبيل الله ، وأمسكت أربعة آلاف لعيالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت " ، فبارك الله في   [ ص: 79 ] ماله حتى إنه خلف امرأتين يوم مات فبلغ ثمن ماله لهما مائة وستين ألف درهم . وتصدق يومئذ عاصم بن عدي العجلاني  بمائة وسق من تمر . وجاء أبو عقيل الأنصاري  واسمه الحباب  بصاع من تمر ، وقال : يا رسول الله بت ليلتي أجر بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر فأمسكت أحدهما لأهلي وأتيتك بالآخر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينثره في الصدقة ، فلمزهم المنافقون ، فقالوا : ما أعطى عبد الرحمن  وعاصم  إلا رياء ، وإن الله ورسوله لغنيان عن صاع أبي عقيل  ، ولكنه أراد أن يذكر بنفسه ليعطى من الصدقة ، فأنزل الله عز وجل : 
( الذين يلمزون    ) أي : يعيبون ( المطوعين    ) المتبرعين ( من المؤمنين في الصدقات    ) يعني : عبد الرحمن بن عوف  وعاصما    . ( والذين لا يجدون إلا جهدهم    ) أي : طاقتهم ، يعني : أبا عقيل    . والجهد : الطاقة ، بالضم لغة قريش  وأهل الحجاز    . وقرأ  الأعرج  بالفتح . قال القتيبي    : الجهد بالضم الطاقة وبالفتح المشقة . ( فيسخرون منهم    ) يستهزئون منهم ( سخر الله منهم    ) أي : جازاهم الله على السخرية ، ( ولهم عذاب أليم ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					