( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين    ( 80 ) فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون    ( 81 ) فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون    ( 82 ) فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين    ( 83 ) . 
( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم    ) لفظه أمر ، ومعناه خبر ، تقديره : استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم . ( إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم    ) وذكر عدد السبعين للمبالغة في اليأس على طمع المغفرة . 
قال الضحاك    : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد رخص لي فلأزيدن على السبعين لعل الله أن يغفر لهم " ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ( سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم    ) . 
( ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين    ) . 
( فرح المخلفون    ) عن غزوة تبوك    . والمخلف : المتروك ( بمقعدهم    ) أي بقعودهم   [ ص: 80 ]   ( خلاف رسول الله    ) قال أبو عبيدة    : أي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : مخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار وأقاموا ، ( وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر    ) وكانت غزوة تبوك  في شدة الحر ، ( قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون    ) يعلمون وكذلك هو في مصحف  عبد الله بن مسعود .  
( فليضحكوا قليلا    ) في الدنيا ( وليبكوا كثيرا    ) في الآخرة . تقديره : فليضحكوا قليلا فسيبكون كثيرا ، ( جزاء بما كانوا يكسبون    ) . 
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي  ، أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي  قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الحسين الشرقي  ، حدثنا عبد الله بن هاشم ،  حدثنا يحيى بن سعيد ،  حدثنا شعبة  عن موسى بن أنس  عن أنس  رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا   " . 
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ،  حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد الحارث  ، حدثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي  حدثنا عبد الله بن محمود  ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال  ، حدثنا  عبد الله بن المبارك  عن عمران بن زيد الثعلبي  ، حدثنا يزيد الرقاشي  ، عن أنس بن مالك  قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس ابكوا ، فإن لم تستطيعوا فتباكوا ، فإن أهل النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول ، ثم تنقطع الدموع ، فتسيل الدماء فتقرح العيون ، فلو أن سفنا أجريت فيها لجرت   " .   [ ص: 81 ] قوله تعالى : ( فإن رجعك الله    )  أي : ردك يا محمد  من غزوة تبوك  ، ( إلى طائفة منهم    ) يعني : من المخلفين . وإنما قال : " طائفة منهم " لأنه ليس كل من تخلف عن غزوة تبوك   كان منافقا ، ( فاستأذنوك للخروج    ) معك في غزوة أخرى ، ( فقل ) لهم ( لن تخرجوا معي أبدا    ) في سفر ( ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة    ) في غزوة تبوك    ( فاقعدوا مع الخالفين    ) أي : مع النساء والصبيان ، وقيل مع الزمنى والمرضى . 
وقال ابن عباس    : مع الذين تخلفوا بغير عذر . 
وقيل : ( مع الخالفين    ) قال الفراء    : يقال : صاحب خالف إذا كان مخالفا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					