[ ص: 220 ]   ( أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون     ( 12 ) قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون    ( 13 ) قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون    ( 14 ) . ( فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون    ( 15 ) . 
( أرسله معنا غدا    ) إلى الصحراء ( يرتع ويلعب    ) قرأ أبو عمرو ،  وابن عامر  بالنون فيهما ، وجزم العين من " نرتع " ، وقرأ أهل الكوفة  بالياء فيهما ، وجزم العين من " يرتع " يعني يوسف ،  وقرأ يعقوب :    " نرتع " بالنون " ويلعب " بالياء . 
والرتع هو : الاتساع في الملاذ . يقال : رتع فلان في ماله إذا أنفقه في شهواته ، يريد ونتنعم ونأكل ونشرب ونلهو وننشط . 
وقرأ أهل الحجاز    : ( يرتع ) بكسر العين ، وهو [ يفتعل ] من الرعي . 
ثم ابن كثير  قرأ بالنون فيهما أي : نتحارس ويحفظ بعضنا بعضا . 
وقرأ أبو جعفر ،  ونافع  بالياء إخبارا عن يوسف  أي : يرعى الماشية كما نرعى نحن . 
( وإنا له لحافظون    ) 
( قال ) لهم يعقوب    ( إني ليحزنني أن تذهبوا به    ) أي : يحزنني ذهابكم به ، والحزن ها هنا : ألم القلب بفراق المحبوب ( وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون    ) وذلك أن يعقوب  كان رأى في المنام أن ذئبا شد على يوسف  فكان يخاف من ذلك ، فمن ثم قال هذه المقالة . 
( قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة    ) عشرة ( إنا إذا لخاسرون    ) عجزة ضعفاء . 
( فلما ذهبوا به وأجمعوا    ) أي : عزموا ( أن يجعلوه    ) يلقوه ( في غيابة الجب وأوحينا إليه    )   [ ص: 221 ] هذه الواو زائدة ، تقديره : أوحينا إليه ، كقوله تعالى : ( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه    ) ( الصافات - 103 ) أي : ناديناه ( لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون    ) يعني : أوحينا إلى يوسف  عليه السلام لتصدقن رؤياك ولتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا وهم لا يشعرون بوحي الله وإعلامه إياه ذلك ، قاله مجاهد    . 
وقيل : معناه : وهم لا يشعرون يوم تخبرهم أنك يوسف  وذلك حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون . 
وذكر وهب  وغيره : أنهم أخذوا يوسف  عليه السلام بغاية الإكرام وجعلوا يحملونه ، فلما برزوا إلى البرية ألقوه وجعلوا يضربونه فإذا ضربه واحد منهم استغاث بالآخر فضربه الآخر ، فجعل لا يرى منهم رحيما ، فضربوه حتى كادوا يقتلونه وهو يصيح : يا أبتاه لو تعلم ما يصنع بابنك بنو الإماء ، فلما كادوا أن يقتلوه قال لهم يهوذا    : أليس قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه ، فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه فيه ، وكان ابن اثنتي عشرة سنة - وقيل : ثماني عشرة سنة - فجاءوا به إلى بئر على غير الطريق واسعة الأسفل ضيقة الرأس . قال مقاتل    : على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب  عليه السلام . وقال كعب    : بين مدين  ومصر    . وقال وهب    : بأرض الأردن    . وقال قتادة    : هي بئر بيت المقدس  فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال : يا إخوتاه ، ردوا علي القميص أتوارى به في الجب ، فقالوا : ادع الشمس والقمر والكواكب تواريك ، قال : إني لم أر شيئا ، فألقوه فيها . 
وقيل : جعلوه في دلو وأرسلوه فيها حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت فكان في البئر ماء فسقط فيه ، ثم أوى إلى صخرة فيها فقام عليها . 
إنهم لما ألقوه فيها جعل يبكي فنادوه فظن أن رحمة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه ، فمنعهم يهوذا  وكان يهوذا  يأتيه بالطعام ، وبقي فيها ثلاث ليال .   [ ص: 222 ] 
( وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا    ) الأكثرون على أن الله تعالى أوحى إليه بهذا وبعث إليه جبريل  عليه السلام يؤنسه ويبشره بالخروج ، ويخبره أنه ينبئهم بما فعلوه ويجازيهم عليه وهم لا يشعرون . 
قال ابن عباس  رضي الله عنهما : ثم إنهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميص يوسف  عليه السلام . 
				
						
						
