[ ص: 5 ] ثم دخلت سنة إحدى عشرة وثلاثمائة  
فيها دخل أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي   أمير القرامطة في ألف وسبعمائة فارس  إلى البصرة  ليلا ، نصب السلالم الشعر في سورها ، فدخلها قومه وفتحوا أبوابها ، وقتلوا من لقوه من أهلها ، وهرب أكثر الناس ، فألقوا أنفسهم في الماء ، فغرق كثير منهم ، ومكث بها سبعة عشر يوما يقتل ويأسر من شاء من نسائها وذراريها ، ويغنم ما يختاره من أموال أهلها ، ثم عاد إلى بلده هجر  وذلك لما بعث إليه الخليفة جندا من قبله فر وترك البلد يبابا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وفي هذه السنة عزل المقتدر  عن الوزارة حامد بن العباس  وعلي بن عيسى  ، ورد إلى الوزارة أبا الحسن بن الفرات  الولاية الثالثة ، وسلم إليه حامد بن العباس  ، وعلي بن عيسى  ، فأما حامد  فإن المحسن بن الوزير  ضمنه من المقتدر  بخمسمائة ألف دينار ، وتسلمه فعاقبه بأنواع العقوبات ، وأخذ منه أموالا جزيلة لا تحصى   [ ص: 6 ] كثرة ، ثم أرسل به مع موكلين عليه إلى واسط  ليحتاطوا على أمواله هناك وحواصله ، وأمرهم أن يسقوه سما في الطريق ، فسقوه ذلك في بيض مشوي ، كان قد طلبه منهم ، فمات في رمضان من هذه السنة . وأما علي بن عيسى  فإنه صودر بثلاثمائة ألف دينار ، وصودر قوم آخرون من كتابه ، فكان جملة ما أخذ من هؤلاء مع ما كان صودرت به القهرمانة من الذهب شيئا كثيرا جدا ، آلاف ألف من الدنانير ، وغير ذلك ، وأشار  الوزير ابن الفرات  على الخليفة المقتدر بالله أن يبعد عنه مؤنسا  الخادم ويأمره بالذهاب إلى الشام    - وكان قد قدم من بلاد الروم  ، وقد فتح شيئا كثيرا من بلدانهم ، وغنم مغانم كثيرة جدا - فسأل أن ينظر إلى سلخ رمضان ، وكان قد أعلم الخليفة بما كان يعتمده ابن الوزير  من تعذيب الناس ومصادرتهم الأموال ، فأجاب الخليفة الوزير إلى إبعاد مؤنس   فأخرجه إلى الشام    . 
وفيها كثر الجراد ، وأفسد كثيرا من الغلات . 
وفي رمضان منها أمر برد بقية المواريث إلى ذوي الأرحام . 
وفيها في النصف من رمضان أحرق على باب العامة صورة ماني وأربعة أعدال من كتب الزنادقة ، فسقط منها ذهب كثير كانت محلاة به . 
 [ ص: 7 ] وفيها اتخذ أبو الحسن بن الفرات الوزير  مارستانا في درب الفضل  ، ينفق عليه من ماله في كل شهر مائتي دينار . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					