واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا   ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا  
أي أقبل على شأنك من الدعوة إلى الله وذكر الله بأنواع الذكر . وهذا إرشاد إلى ما فيه عون له على الصبر على ما يقولون . 
والمراد بالبكرة والأصيل استغراق أوقات النهار ، أي لا يصدك إعراضهم عن معاودة الدعوة وتكريرها طرفي النهار . ويدخل في ذكر الله الصلوات مثل قوله ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين  واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين    ) . وكذلك النوافل التي هي من خصائص النبيء - صلى الله عليه وسلم    - بين مفروض منها وغير مفروض . فالأمر في قوله ( واذكر ) مستعمل في مطلق الطلب من وجوب ونفل . 
وذكر اسم الرب يشمل تبليغ الدعوة ويشمل عبادة الله في الصلوات المفروضة والنوافل ويشمل الموعظة بتخويف عقابه ورجاء ثوابه . 
 [ ص: 406 ] وقوله ( بكرة وأصيلا  
يشمل أوقات النهار كلها المحدودة منها كأوقات الصلوات وغير المحدود كأوقات النوافل ، والدعاء والاستغفار . 
وبكرة هي أول النهار ، وأصيلا عشيا . 
وقوله ( ومن الليل فاسجد له     ) إشارة إلى أن الليل وقت تفرغ من بث الدعوة كما تقدم في قوله ( قم الليل إلا قليلا ) إلى قوله ( علم أن لن تحصوه فتاب عليكم    ) الآية وهذا خاص بصلاة الليل فرضا ونفلا . 
وقوله ( وسبحه ) جملة معطوفة على جملة ( من الليل فاسجد له    ) فتعين أن التسبيح التنفل . 
والتسبيح    : التنزيه بالقول وبالاعتقاد ، ويشمل الصلوات والأقوال الطيبة والتدبر في دلائل صفات الله وكمالاته ، وغلب إطلاق مادة التسبيح على الصلاة النافلة ، وقال تعالى ( وسبح بحمد ربك حين تقوم    ) ، أي من الليل . وعن  عبد الملك بن حبيب    : " وسبحه " هنا صلاة التطوع في الليل ، وقوله " طويلا " صفة " ليلا " وحيث وصف الليل بالطول بعد الأمر بالتسبيح فيه ، علم أن ليلا أريد به أزمان الليل لأنه مجموع الوقت المقابل للنهار ، لأنه لو أريد ذلك المقدار كله لم يكن في وصفه بالطول جدوى ، فتعين أن وصف الطول تقييد للأمر بالتسبيح ، أي سبحه أكثر الليل ، فهو في معنى قوله تعالى ( قم الليل إلا قليلا    ) إلى ( أو زد عليه    ) أو يتنازعه كل من ( اسجد ) وسبحه . 
وانتصب ( ليلا ) على الظرفية لـ ( سبحه ) . 
وعن  ابن عباس  وابن زيد    : أن هاتين الآيتين إشارة إلى الصلوات الخمس وأوقاتها بناء على أن الأصيل يطلق على وقت الظهر فيكون قوله وسبحه إشارة إلى قيام الليل   . 
وهذه الآية جاءت على وفق قوله تعالى ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين    ) وقوله تعالى ( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا  رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا  واصبر على ما يقولون    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					