[ ص: 164 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الروم 
قوله تعالى : وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون   يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون    . 
قوله تعالى : وعد الله  ، مصدر مؤكد لنفسه ، لأن قوله قبله : وهم من بعد غلبهم سيغلبون  إلى قوله : ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله    [ 30 \ 3 - 5 ] ، هو نفس الوعد كما لا يخفى ، أي : وعد الله ذلك وعدا . 
وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أربعة أمور : الأول : أنه لا يخلف وعده . 
والثاني : أن أكثر الناس وهم الكفار لا يعلمون . 
والثالث : أنهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا . 
والرابع : أنهم غافلون عن الآخرة . وهذه الأمور الأربعة جاءت موضحة في غير هذا الموضع . 
أما الأول منها : وهو كونه لا يخلف وعده ، فقد جاء في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : إن الله لا يخلف الميعاد    . [ 13 \ 31 ] وقد بين تعالى أن وعيده للكفار لا يخلف أيضا في آيات من كتابه ; كقوله تعالى : قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد  ما يبدل القول لدي  الآية [ 50 \ 28 - 29 ] . 
والتحقيق : أن القول الذي لا يبدل لديه في هذه الآية الكريمة هو وعيده للكفار . 
وكقوله تعالى : كل كذب الرسل فحق وعيد    [ 50 \ 14 ] ، وقوله : إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب    [ 38 \ 14 ] ، فقوله : حق في هاتين الآيتين ، أي : وجب وثبت ، فلا يمكن تخلفه بحال . 
 [ ص: 165 ] وأما الثاني منها : وهو أن أكثر الناس وهم الكفار لا يعلمون ، فقد جاء موضحا في آيات كثيرة ، فقد بين تعالى في آيات أن أكثر الناس هم الكافرون ; كقوله تعالى : ولكن أكثر الناس لا يؤمنون    [ 11 \ 17 ] ، وقوله تعالى : ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين    [ 37 \ 71 ] ، وقوله تعالى : إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين    [ 26 \ 8 ] ، وقوله تعالى : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك    [ 6 \ 116 ] ، وقوله تعالى : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين    [ 12 \ 103 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وقد بين جل وعلا أيضا في آيات من كتابه أن الكفار لا يعلمون ; كقوله تعالى : أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون    [ 2 \ 170 ] ، وقوله تعالى : أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون    [ 5 \ 104 ] ، وقوله تعالى : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون    [ 2 \ 171 ] ، وقوله تعالى : أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا    [ 25 \ 44 ] ، وقوله تعالى : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون    [ 7 \ 179 ] ، وقوله تعالى : وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير    [ 67 \ 10 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وأما الثالث منها : وهو كونهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ، فقد جاء أيضا في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى : وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين    [ 29 \ 38 ] ، أي : في الدنيا ، وقوله تعالى : فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم  الآية [ 53 \ 29 - 30 ] . 
وأما الرابع منها : وهو كونهم غافلين عن الآخرة ، فقد جاء في آيات كثيرة ; كقوله تعالى عنهم : هيهات هيهات لما توعدون  إن هي إلا حياتنا الدنيا  الآية [ 23 \ 36 - 37 ] . 
وقوله تعالى عنهم : وما نحن بمنشرين    [ 44 \ 35 ] ، وما نحن بمبعوثين    [ 6 \ 29 ] ، من يحيي العظام وهي رميم    [ 36 \ 78 ] ، والآيات في ذلك كثيرة معلومة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					