[ ص: 93 ] بسم الله الرحمن الرحيم  
باب ألف في  أسماء شيوخ  مالك  الذين روى عنهم حديث النبي عليه السلام  
 إبراهيم بن عقبة : وهو إبراهيم بن عقبة بن أبي عياش المدني مولى لآل الزبير بن العوام ،  وهم ثلاثة إخوة :  إبراهيم بن عقبة ،  ومحمد بن عقبة ،   وموسى بن عقبة بن أبي عياش  مدنيون ، موالي   الزبير بن العوام ،  وكان   يحيى بن معين  يقول : هم موالي   أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي ،  ولم يتابع  يحيى  على ذلك ، والصواب أنهم موالي  آل الزبير ،   كذلك قال  مالك  وغيره ، وكذلك قال   البخاري ،  سمع  إبراهيم بن عقبة  من   أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي ،  وهي من المبايعات ، وسمع منها إخوة   موسى بن عقبة  حديثها في عذاب القبر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مشهور .  
وأما رواية  إبراهيم  عنها ، فمن رواية   الأصمعي ،  عن   ابن أبي الزناد ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  قال : سمعت   أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي  تقول :      [ ص: 94 ] أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم ، فحصل  إبراهيم  بروايته ، عن  أم خالد  من التابعين ، وسمع  إبراهيم بن عقبة  من   سعيد بن المسيب ،   وعروة بن الزبير ،   وعمر بن عبد العزيز ،   وعامر بن سعد بن أبي وقاص ،  وأبي عبد الله القراظ ،   وكريب مولى ابن عباس     .  
روى عنه   مالك بن أنس ،  ومعمر ،   والثوري ،   وحماد بن زيد ،   ومحمد بن إسحاق ،   وابن عيينة ،   ومحمد بن جعفر بن أبي كثير ،   والدراوردي ،  وهو ثقة حجة فيما نقل ، هو أسن من   موسى بن عقبة ،  ومحمد بن عقبة  أسن منه ، وأكثرهم حديثا  موسى ،  وكلهم ثقة .  
وذكر   أبو داود السجستاني ،  عن   يحيى بن معين ،  في  بني عقبة ،   قال :  موسى  أكثرهم حديثا ،  ومحمد  أكبرهم ، قال :  ومحمد  وإبراهيم  أثبت من  موسى     .  
لمالك  عنه في الموطأ من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث واحد مرسل عند أكثر رواة الموطأ ، وهو  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة ، وهي في محفة لها ، فقيل لها : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذت بضبعي صبي كان معها ، فقالت : ألهذا حج يا رسول الله ؟ قال : نعم ولك أجر     .  
 كريب مولى ابن العباس هو كريب بن أبي مسلم مولى عبد الله بن عباس  سمع  أسامة بن زيد ،   وعبد الله بن عباس ،  روى عنه جماعة من جلة أهل  المدينة   منهم  بنو عقبة   ثلاثتهم ،   وبكير بن الأشج ،  وهو ثقة حجة فيما نقل من أثر في الدين .  
 [ ص: 95 ] قال   الواقدي ،  عن   ابن أبي الزناد ،  عن   موسى بن عقبة     : مات   كريب  بالمدينة   سنة ثمان وتسعين ، في آخر خلافة   سليمان بن عبد الملك     .  
قال  أبو عمر     : المحفة شبيهة بالهودج ، وقيل : المحفة لا غطاء عليها ، أما الضبع فباطن الساعد ، وهذا الحديث مرسل عند أكثر الرواة للموطأ ، وقد أسنده عن  مالك     :   ابن وهب ،   والشافعي ،  وابن عثمة ،  وأبو المصعب ،  وعبد الله بن يوسف  قالوا فيه : عن  مالك ،  عن  إبراهيم ،  عن  عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول - صلى الله عليه وسلم - الحديث ، ورأيت في بعض نسخ موطأ  مالك  رواية   ابن وهب  عنه هذا الحديث مرسلا من رواية   يونس بن عبد الأعلى ،  عن   ابن وهب ،  ولا أثق بما رأيته من ذلك ; لأن أبا   جعفر الطحاوي  ذكر هذا الحديث في كتابه " كتاب تهذيب الآثار " عن  يونس ،  عن   ابن وهب ،  عن  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  مسندا ، وكذلك رواه   سحنون ،   والحارث بن مسكين ،   وأحمد بن عمرو بن السرح ،  وسليمان بن داود  كلهم عن   ابن وهب ،  عن  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  مسندا ، وكذلك ذكره   الدارقطني  من رواية  أبي الطاهر ،  وسليمان بن داود ،   والحارث بن مسكين ،  عن   ابن وهب  مسندا ، وهو الصحيح من رواية   ابن وهب ،   والشافعي ،  ومحمد بن خالد بن عثمة ،  وأبي مصعب     .  
 [ ص: 96 ] أخبرنا  عبد الرحمن بن يحيى ،  قال : حدثنا  الحسن بن عبد الله بن الخضر الأسيوطي  رحمه الله ، وحدثنا  علي بن إبراهيم ،  قال : حدثنا   الحسن بن رشيق  قالا : حدثنا   أحمد بن شعيب ،  قال : أخبرنا  هلال بن بشر ،  قال : أخبرنا  محمد بن خالد بن عثمة ،  قال : أخبرنا  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة وهي في محفتها ، فقيل لها : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذت بعضد صبي معها ، فقالت ألهذا حج يا رسول الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعم ، ولك أجر     .  
أخبرنا  عبد الله بن محمد بن يوسف ،  قال : أخبرنا  عبد الله بن محمد بن علي  ،  ومحمد بن محمد بن أبي دليم  ،  ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز ،  قالوا : حدثنا  أحمد بن خالد ،  قال : حدثنا  يحيى بن عمر ،  قال : أخبرنا   الحارث بن مسكين ،  وسحنون بن سعيد ،   وأحمد بن عمرو بن السرح  قالوا : حدثنا   ابن وهب ،  عن  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة وهي في خدرها أو محفتها ، ومعها صبي لها ، فقالت يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر     .  
وأخبرنا  أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ،  قال : حدثنا  تميم بن محمد بن تميم أبو العباس ،  قال : حدثنا   عيسى بن مسكين   [ ص: 97 ] وأخبرنا   عبد الوارث بن سفيان ،  قال : حدثنا   قاسم بن أصبغ ،  قال : حدثنا   محمد بن وضاح ،  قالا جميعا : أخبرنا   سحنون بن سعيد  ، قال : أخبرنا   عبد الله بن وهب  أن  مالكا  حدثه ، عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة وهي في خدرها معها صبي ، فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ فقال : نعم ، ولك أجر     .  
وكل ما في كتابنا من موطأ   ابن وهب ،  فهو بهذين الإسنادين ، عن   سحنون ،  وما كان من غيرها ذكرناه بإسناده إن شاء الله .  
وأخبرنا   خلف بن القاسم ،  وعلي بن إبراهيم  قالا : حدثنا   الحسن بن رشيق ،  قال : حدثنا   أحمد بن شعيب النسائي ،  قال : أخبرنا  سليمان بن داود ،  عن   ابن وهب ،  قال : أخبرني  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  مر بامرأة وهي في خدرها معها صبي ، فقالت ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر     .  
ورواية   الشافعي  ذكرها   بقي بن مخلد ،  عن   حرملة بن يحيى ،  عن   الشافعي  أنه أخبره ، عن  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة في محفتها ، فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه ، فأخذت بعضد صبي كان معها ، فقالت ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر     .  
 [ ص: 98 ] وأخبرنا  محمد ،  قال : حدثنا   علي بن عمر الدارقطني الحافظ ،  قال : حدثنا   أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ،  قال : حدثنا  الربيع بن سليمان ،  حدثنا   الشافعي  أنبأنا  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة في محفتها ، فقيل لها : هذا رسول الله ، فأخذت بعضد صبي كان معها ، فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر     .  
وحدثنا  أحمد بن عبد الله بن محمد  قراءة مني عليه أن  الميمون بن حمزة الحسيني  حدثهم  بمصر ،   قال : حدثنا   أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلمة بن سلمة الأزدي الطحاوي ،  قال : أخبرنا   أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني  قالا : أخبرنا أبو  عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ،  قال : أخبرنا   مالك بن أنس ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة في محفتها ، فقيل لها : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذت بعضد صبي كان معها ، فقالت ألهذا حج يا رسول الله ؟ قال : نعم ، ولك أجر     .  
وأما رواية  أبي مصعب ،  فأخبرنا بها  أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن يحيى  قراءة مني عليه ، قال : حدثنا  الحسن بن عبد الله بن الخضر الأسيوطي ،  قال : حدثنا  أبو الطاهر المدني القاسم بن عبد الله بن مهدي ،  وحدثنا      [ ص: 99 ]  خلف بن قاسم ،  وعلي بن إبراهيم  قالا : حدثنا   الحسن بن رشيق ،  قال : حدثنا  محمد بن رزيق بن جامع  قالا جميعا : حدثنا  أبو مصعب ،  عن  مالك ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة ، فذكر مثل حديث  يحيى .  
وما كان في كتابنا من رواية  أبي مصعب ،  فهو من هذين الطريقين .  
واختلف  على ابن القاسم  في هذا الحديث ، فرواه عنه   سحنون  مرسلا كرواية  يحيى  وسائر الرواة ، ورواه عنه  يوسف بن عمرو ،   والحارث بن مسكين  متصلا مسندا كرواية   ابن وهب ،  وأبي مصعب ،  ومن تابعهما .  
وقد روى هذا الحديث عن  إبراهيم بن عقبة  جماعة من الأئمة الحفاظ ، فأكثرهم رواه مسندا ، وممن رواه مسندا  معمر ،   ومحمد بن إسحاق ،   وسفيان بن عيينة ،   وموسى بن عقبة ،  واختلف فيه على   الثوري ،  كما اختلف على  مالك ،  وكان عند   الثوري ،  عن  إبراهيم ،  ومحمد  ابني  عقبة  جميعا ، عن   كريب ،  فرواه   أبو نعيم الفضل بن دكين ،  عن   الثوري ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس ،  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسندا ، ورواه   وكيع ،  عن   الثوري ،  عن  محمد ،  وإبراهيم  ابني  عقبة ،  عن   كريب  مرسلا ، ورواه   يحيى القطان ،  عن   الثوري  عن      [ ص: 100 ] إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب  مرسلا ، وعن   الثوري ،  عن   محمد بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  مسندا ، فقطع   يحيى القطان ،  عن   الثوري  حديث  إبراهيم ،  ووصل حديث  محمد ،  ورواه   محمد بن كثير ،  عن   الثوري ،  عن   محمد بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  متصلا ، ومن وصل هذا الحديث وأسنده فقوله أولى .  
والحديث صحيح مسند ثابت الاتصال ، لا يضره تقصير من قصر به ; لأن الذين أسندوه حفاظ ثقات .  
فأما حديث   ابن عيينة ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  فحدثنا به   أبو عثمان سعيد بن نصر ،  قال : حدثنا   قاسم بن أصبغ ،  قال : حدثنا  محمد بن إسماعيل بن يوسف الترمذي ،  قال : حدثنا   عبد الله بن الزبير الحميدي ،  قال : حدثنا   سفيان بن عيينة ،  قال : حدثني  إبراهيم بن عقبة  أخو   موسى بن عقبة ،  قال : سمعت   كريبا  يحدث أنه سمع   ابن عباس  يقول :  قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما كان  بالروحاء   لقي ركبا فسلم عليهم ، فردوا عليه ، فقال : من القوم ؟ قالوا : المسلمون ، فمن القوم ؟ فقالوا : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ففزعت إليه امرأة ، فرفعت إليه صبيا لها من محفة ، فقالت يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - نعم ، ولك أجر     .  
قال  سفيان     : وكان   ابن المنكدر  حدثناه أولا مرسلا ، فقالوا لي : إنما سمعه من  إبراهيم ،  فأتيت  إبراهيم ،  فسألته ، فحدثني به ، وقال : حدثت به  ابن   [ ص: 101 ] المنكدر ،  فحج بأهله كلهم ، قال  سفيان     :  وأخبرني  المنكدر بن محمد بن المنكدر ،  عن أبيه أنه قيل له أتحج بالصبيان ؟ فقال : نعم ، أعرضهم على الله ،  قال   الحميدي     : وحدثنا  سفيان ،  قال : حدثنا   محمد بن سوقة ،  قال :  قيل   لابن المنكدر  أتحج وعليك دين ؟ قال : الحج أقضى للدين     .  
وأخبرنا  عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ،  قال : حدثنا  محمد بن بكر التمار ،  قال : حدثنا  أبو داود ،  قال : حدثنا   أحمد بن حنبل ،  قال : حدثنا   سفيان بن عيينة ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس ،  قال :  كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بالروحاء ،   وذكر الحديث ، قال : ففزعت امرأة ، فأخذت بعضد صبي ، فأخرجته من محفتها ، فقالت : يا رسول الله هل لهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر     .  
وأما حديث  معمر ،  فحدثناه  خلف بن سعيد ،  قال : حدثنا  عبد الله بن محمد ،  قال : حدثنا  أحمد بن خالد ،  قال : حدثنا  عبيد بن محمد ،  قال : حدثنا  إبراهيم بن عباد ،  قال : قرأت على   عبد الرزاق ،  عن  معمر ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب مولى ابن عباس ،  عن   ابن عباس ،  قال :  لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ناس من الأعراب ، فقالوا من أنتم ؟ فقال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : نحن عباد الله المسلمون ، قال : فسألوا عنهم ، فقيل لهم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - معهم ، فعلقوه يسألونه ، فأخرجت امرأة صبيا ، فقالت : أي رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر     .  
 [ ص: 102 ] ورواه  محمد بن يوسف الحذاقي ،  عن   عبد الرزاق ،  عن  معمر ،  عن  إبراهيم ،  عن   كريب  مرسلا ،  وإبراهيم بن عباد  أثبت .  
وأما حديث   موسى بن عقبة ،  فأخبرني  عبد الله بن محمد بن يحيى ،  قال : حدثنا  عبد الحميد بن أحمد البغدادي ،  قال : حدثنا  الخضر بن داود ،  قال : حدثنا   أبو بكر الأثرم ،  قال : حدثنا  هشام بن بهرام ،  قال : حدثنا   حاتم بن إسماعيل ،  عن   موسى بن عقبة ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  مر بامرأة معها صبي لها صغير ، فرفعته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدها ، فقالت هل لهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر     .  
قال   أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم الوراق     : قلت   لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل     - رحمه الله الذي يصح في هذا الحديث حديث   كريب  مرسل ، أو عن   ابن عباس  ؟ فقال : هو عن   ابن عباس  صحيح .  
قيل  لأبي عبد الله     : إن   الثوري  ومالكا  يرسلانه ، فقال :  معمر   وابن عيينة  وغيرهما قد أسندوه .  
وأما رواية من وصل حديث  إبراهيم بن عقبة  هذا ، عن   الثوري  من أصحابه ، فأخبرنا  أحمد بن عبد الله ،  وخلف بن سعيد ،  وعبد الله بن محمد بن يوسف  قالوا : أخبرنا  عبد الله بن محمد بن علي ،  قال : حدثنا  أحمد بن خالد ،  قال : حدثنا   علي بن عبد العزيز ،  قال : حدثنا   أبو نعيم الفضل بن دكين ،  قال : حدثنا      [ ص: 103 ]  سفيان الثوري ،  عن  إبراهيم بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس ،  قال :  رفعت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيا ، فقالت ألهذا حج يا رسول الله ؟ قال : نعم ، ولك أجر    .  
وأما رواية من وصل عن   الثوري  حديثه في ذلك ، عن   محمد بن عقبة ،  فحدثنا   سعيد بن نصر ،  قال : حدثنا   قاسم بن أصبغ ،  قال : حدثنا   إسماعيل بن إسحاق ،  قال : حدثنا   محمد بن كثير ،  قال : حدثنا   سفيان بن سعيد ،  عن   محمد بن عقبة ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس ،  قال :  رفعت امرأة صبيا لها في محفة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر     .  
أخبرنا   عبد الوارث بن سفيان ،  حدثنا   قاسم بن أصبغ ،  حدثنا   محمد بن عبد السلام الخشني ،  حدثنا   محمد بن بشار ،  حدثنا   يحيى القطان ،  حدثنا  سفيان ،  عن  محمد ،  عن   كريب ،  عن   ابن عباس  أن امرأة رفعت صبيا ، فذكر الحديث .  
وقد روي هذا الحديث ، عن   محمد بن المنكدر ،  عن  جابر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن  عبد الكريم ،  عن   طاوس ،  عن   ابن عباس ،  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .  
في هذا الحديث من الفقه أمور : منها  الحج بالصبيان الصغار ،   وقد اختلف العلماء في ذلك ، فأجازه  مالك ،   والشافعي ،  وسائر فقهاء  الحجاز   من أصحابهما ، وغيرهم ، وأجازه   الثوري ،   وأبو حنيفة ،  وسائر فقهاء الكوفيين ، وأجازه   الأوزاعي   والليث بن سعد ،  فيمن سلك سبيلهما من  أهل  الشام ،    ومصر      .  
وكل من ذكرناه يستحب الحج بالصبيان ، ويأمر به ، ويستحسنه ، وعلى ذلك جمهور العلماء من كل قرن .  
 [ ص: 104 ] وقالت طائفة : لا يحج بالصبيان ، وهو قول لا يشتغل به ، ولا يعرج عليه ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج بأغيلمة  بني عبد المطلب   وحج السلف بصبيانهم .  
وقال صلى الله عليه وسلم في الصبي له حج ، وللذي يحجه أجر - يعني بمعونته له وقيامه في ذلك به - فسقط كل ما خالف هذا من القول ، وبالله التوفيق .  
وروينا  عن   أبي بكر الصديق  أنه طاف  بعبد الله بن الزبير  في خرقة ،  وذكر   عبد الرزاق ،  عن   الثوري ،  عن  عبد الرحمن بن القاسم ،  عن أبيه ، قال : كانوا يحبون إذا حج الصبي أن يجردوه ، وأن يجنبوه الطيب إذا أحرم ، وأن يلبى عنه إذا كان لا يحسن التلبية     .  
قال : وأخبرنا  معمر ،  عن   الزهري ،  قال : يحج بالصغير ويرمى عنه ويجنب ما يجنب الكبير من الطيب ولا يخمر رأسه ويهدى عنه إن تمتع     .  
وقال  مالك  رحمه الله : يحج بالصبي الصغير ، ويجرد للإحرام ، ويمنع من الطيب ، ومن كل ما يمنع منه الكبير ، فإن قوي على الطواف ، والسعي ، ورمي الجمار ، وإلا طيف به محمولا ، ورمي عنه ، وإن أصاب صيدا ، فدي عنه ، وإن احتاج إلى ما يحتاج إليه الكبير ، فعل به ذلك ، وفدي عنه .  
قال  أبو عمر     : قال  مالك     : وما أصاب الصبي من صيد ، أو لباس ، أو طيب ، فدي عنه ، وبذلك قال   الشافعي     .  
وقال   أبو حنيفة     : لا جزاء عليه ولا فدية ، وقال  ابن القاسم  عن  مالك     : الصغير الذي لا يتكلم إذا جرد ، ينوى بتجريده الإحرام ، قال  ابن القاسم  يغنيه تجريده عن التلبية عنه ، لا يلبي عنه أحد ، قال : فإن كان يتكلم لبى عن نفسه .  
 [ ص: 105 ] قال : وقال  مالك     : لا يطوف به أحد لم يطف طوافه الواجب ; لأنه يدخل طوافين في طواف .  
وقال   ابن وهب  عن  مالك     : أرى أن يطوف لنفسه ثم يطوف بالصبي ، ولا يركع عنه ، ولا شيء على الصبي في ركعتيه .  
قال  أبو عمر     : فإن قيل : فما  معنى الحج بالصغير   ، وهو عندكم غير مجزي عنه من حجة الإسلام إذا بلغ ، وليس ممن تجري له وعليه ؟ قيل له : أما جري القلم له بالعمل الصالح فغير مستنكر أن يكتب للصبي درجة وحسنة في الآخرة بصلاته وزكاته وحجه وسائر أعمال البر التي يعملها على سنتها ، تفضلا من الله عز وجل عليه ، كما تفضل على الميت بأن يوجر بصدقة الحي عنه ، ويلحقه ثواب ما لم يقصده ، ولم يعمله مثل الدعاء له ، والصلاة عليه ، ونحو ذلك .  
ألا ترى أنهم أجمعوا على أن أمروا الصبي إذا عقل الصلاة بأن يصلي ، وقد  صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بأنس  واليتيم معه والعجوز من ورائهما     .  
وأكثر السلف على إيجاب  الزكاة في أموال اليتامى ،   ويستحيل أن لا يؤجروا على ذلك ، وكذلك وصاياهم إذا عقلوا ، وللذي يقوم بذلك عنهم أجر ، كما للذي يحجهم أجر ، فضلا من الله ونعمة ، فلأي شيء يحرم الصغير التعرض لفضل الله .  
وقد روي عن   عمر بن الخطاب  رضي الله عنه معنى ما ذكرت ، ولا مخالف له أعلمه ممن يجب اتباع قوله .  
حدثنا   عبد الوارث بن سفيان  قراءة مني عليه أن   قاسم بن أصبغ  حدثهم ، قال : حدثنا   عبيد بن عبد الواحد البزاز ،  قال : حدثنا  علي بن   [ ص: 106 ] المديني ،  قال : حدثنا   حماد بن زيد ،  قال : حدثنا   يحيى البكاء ،  عن   أبي العالية الرياحي ،  قال :  قال   عمر بن الخطاب     : تكتب للصغير حسناته ، ولا تكتب عليه سيئاته     .  
واختلف أيضا في  حج الصبي هل يجزئه إذا بلغ من حجة الإسلام   أم لا ؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار الذين قدمنا ذكرهم في هذا الباب أن ذلك لا يجزيه إذا بلغ .  
ذكر   أبو جعفر الطحاوي  في كتابه في شرح معاني الآثار حديث  إبراهيم بن عقبة  هذا ، عن   كريب ،  عن   ابن عباس  أن امرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صبي هل لهذا حج ؟ فقال : نعم ولك أجر  ، قال  أبو جعفر     : فذهب قوم إلى أن الصبي إذ حج قبل بلوغه أجزأه من حجة الإسلام ، ولم يكن عليه أن يحج بعد بلوغه ، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث .  
قال : وخالفهم آخرون ، فقالوا : لا يجزيه من حجة الإسلام ، وعليه بعد بلوغه حجة أخرى ، قال : وكان من الحجة لهم عندنا على أهل المقالة الأولى أن هذا الحديث إنما فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن للصبي حجا ، وهذا مما قد أجمع الناس عليه ، ولم يختلفوا فيه أن للصبي حجا ، وليس ذلك عليه بفريضة من جهة القياس ، كما له صلاة وليست عليه الصلاة بفريضة ، فكذلك أيضا قد يجوز أن يكون له حج ، وليس الحج عليه بفريضة .  
وإنما هذا الحديث حجة على من زعم أنه لا حج للصبي ، فأما من يقول : إن له حجا ، وإنه غير فريضة عليه فلم يخالف شيئا من هذا الحديث ، وإنما خالف تأويل مخالفه خاصة ، وهذا   ابن عباس  هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صرف حج الصبي إلى غير الفريضة ، وأنه لا      [ ص: 107 ] يجزيه بعد بلوغه عن حجة الإسلام ، وقد زعموا أن من روى حديثا فهو أعلم بتأويله ، قال : أخبرنا  محمد بن خزيمة ،  قال : أخبرنا  عبد الله بن رجاء ،  قال : حدثنا  إسرائيل ،  عن  أبي إسحاق ،  عن   أبي السفر ،  قال :  سمعت   ابن عباس  يقول : أيما غلام حج به أهله فمات ، فقد قضى حجة الإسلام ، فإن أدرك فعليه الحج ، وأيما عبد حج به أهله فمات ، فقد قضى حجة الإسلام ، وإن عتق فعليه الحج ،  قال : وحدثنا  محمد بن خزيمة ،  قال : حدثنا  حجاج ،  قال : حدثنا   حماد بن سلمة ،  عن   يونس بن عبيد ،  عن  عبيد صاحب الحلي ،  قال :  سألت   ابن عباس  عن المملوك إذا حج ثم عتق بعد ذلك ، قال : عليه الحج ، وعن الصبي يحج ثم يحتلم ، قال : يحج أيضا     .  
قال  أبو عمر     : على هذا جماعة الفقهاء بالأمصار ، وأئمة الأثر ، إلا أن  داود بن علي  خالف في المملوك فقال : يجزيه عن حجة الإسلام ، ولا يجزي الصبي ، وفرق بين الصبي والمملوك ; لأن المملوك مخاطب عنده بالحج ، فلزمه فرضه ، وليس الصبي ممن خوطب به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -  رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم     .  
 [ ص: 108 ] قال  أبو عمر     : وفي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم  دليل واضح على أن حج الصبي تطوع ، ولم يؤد به فرضا ; لأنه محال أن يؤدي فرضا من لم يجب عليه الفرض ، وأما المملوك فهو عند جمهور العلماء خارج من الخطاب العام في قوله عز وجل  ولله على الناس حج البيت   بديل عدم التصرف ، وأنه ليس له أن يحج بغير إذن سيده ، كما خرج من خطاب الجمعة وهو قوله :  ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة   الآية عند عامة العلماء إلا من شذ ، وكما خرج من إيجاب الشهادة ، قال الله عز وجل :  ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا   فلم يدخل في ذلك العبد ، وكما جاز خروج الصبي من قوله  ولله على الناس حج البيت   وهو من الناس بدليل رفع القلم عنه ، وخرجت المرأة من قوله :  ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة   وهي ممن شمله اسم الإيمان ، فكذلك خروج العبد من الخطاب المذكور بما ذكرنا من دليل ، وهو قول فقهاء  الحجاز ،   والعراق ،   والشام ،   والمغرب ، ومثلهم لا يجوز عليهم تحريف تأويل الكتاب البتة بحال .  
فإن قال قائل ممن يرى أن حج الصبي يجزي عنه إذا بلغ : إن الصبي إنما لم يجب عليه الحج لأنه ممن لا يستطيع السبيل إليه ، فإذا بلغ به البيت وجب عليه الحج ، وأجزأه كسائر من لا يلزمه الحج من البالغين لعدم الاستطاعة ، فإذا وصل إلى البيت لزمه الحج ، فإذا فعله أجزأ عنه .  
قيل له : إن الذي لا يجد السبيل إلى الحج إنما سقط عنه الفرض لعدم الوصول إلى البيت ، فإذا وصل إليه تعين عليه الفرض ، وارتفعت علته ، وصار من الواجدين السبيل ، فوجب عليه الحج لذلك .  
وأما الصبي ففرض الحج غير واجب عليه ، كما لا تجب عليه الصلاة ولا الصيام ، فهو قبل وصوله إلى البيت وبعد وصوله سواء لرفع القلم عنه ، فإذا بلغ الحلم ، فحينئذ وجب عليه الحج .  
 [ ص: 109 ] أخبرنا   سعيد بن نصر ،  قال : حدثنا   قاسم بن أصبغ ،  قال : حدثنا  جعفر بن محمد الصائغ ،  قال : حدثنا   عفان بن مسلم ،  وأخبرنا   عبد الوارث بن سفيان ،  قال : حدثنا   قاسم بن أصبغ ،  قال : حدثنا  أبو العباس محمد بن يونس الكديمي ،  قال : حدثنا   روح بن عبادة  قالا جميعا : حدثنا   حماد بن سلمة ،  عن   عطاء بن السائب ،  عن   أبي ظبيان ،  قال في حديث  عفان الجنبي     : ثم اتفقا على   علي بن أبي طالب ،  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق     .  
قال   يحيى بن معين     : رواية   حماد بن سلمة ،  عن   عطاء بن السائب  صحيحة لأنه سمع منه قبل أن يتغير ، وكذلك سماع   الثوري ،   وشعبة  منه .  
وروى   حماد بن سلمة ،  عن  حماد ،  عن  إبراهيم ،  عن  الأسود ،  عن  عائشة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  رفع القلم عن ثلاثة ، عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يعقل     .  
وذكر   عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا   ابن جريج ،  عن  عطاء     : تقضى حجة الصغير عنه ، فإذا عقل فعليه حجة واجبة ، وعن  معمر ،  عن   ابن طاوس ،  عن أبيه مثله ، وذكر عن   الثوري ،  عن  أبي إسحاق ،  عن   أبي السفر ،  عن   ابن عباس  مثل ما تقدم عنه من حديث   الطحاوي  في هذا الباب ، وعن   ابن عيينة ،  عن  مطرف ،  عن  أبي   [ ص: 110 ] السفر ،  عن   ابن عباس  مثله ، وعن   الثوري ،  عن   الأعمش ،  عن   أبي ظبيان ،  عن   ابن عباس  مثله .  
قال  أبو عمر     : لا خلافا علمته فيمن شهد مناسك الحج وهو لا ينوي حجا ولا عمرة والقلم جار عليه وله ، أن شهودها بغير نية ولا قصد غير مغن عنه ، وخص الصبي بما ذكرنا ، وإن لم يكن له قصد ولا نية لما وصفنا .  
واختلف الفقهاء في  المراهق والعبد يحرمان بالحج ثم يحتلم هذا ، ويعتق هذا قبل الوقوف  بعرفة ،    فقال  مالك  وأصحابه : لا سبيل إلى رفض الإحرام لهذين ولا لأحد ، ويتماديان على إحرامهما ، ولا يجزيهما حجهما ذلك عن حجة الإسلام .  
وقال   أبو حنيفة     : إذا أحرم بالحج من لم يبلغ من الغلمان ثم بلغ قبل أن يقف  بعرفة ،   فوقف بها بعد بلوغه لم يجزه ذلك من حجة الإسلام ، فإن جدد إحراما بعدما بلغ أجزأه ، وقالوا : إن دخل عبد مع مولاه ، فلم يحرم من الميقات ثم أذن له فأحرم من  مكة   بالحج فعليه الدم إذا أعتق لتركه الميقات ، وليس على النصراني يسلم ، ولا على الصبي يحتلم لسقوط الإحرام عنهما دم ، ووجوبه على العبد ، ويجب  على السيد أن يأذن لعبده في الحج إذا بلغ معه ;   لأن العبد لا يدخل  مكة   بغير إحرام .  
وقال   الشافعي     : إذا أحرم الصبي ثم بلغ قبل الوقوف  بعرفة ،   فوقف بها محرما أجزأه ذلك من حجة الإسلام ، وكذلك العبد إذا أحرم ثم عتق قبل الوقوف  بعرفة   فوقف بها محرما أجزأه من حجة الإسلام ، ولم يحتج إلى تجديد      [ ص: 111 ] إحرام واحد منهما ، قال : ولو أعتق العبد  بمزدلفة ،   أو بلغ الصبي بها ، فرجعا إلى  عرفة   بعد العتق والبلوغ ، فأدركا الوقوف بها قبل طلوع الفجر أجزأت عنهما من حجة الإسلام ، ولم يكن عليهما دم ، ولو احتاطا فأهرقا دما كان أحب إلي ، قال : وليس ذلك بالبين عندي .  
قال  أبو عمر     : قد قال بكل قول من هذه الأقاويل الثلاثة جماعة من علماء التابعين ، وفقهاء المسلمين ، ومراعاة  عرفة   بإدراك الوقوف بها ليلة النحر قبل طلوع الفجر إجماع من العلماء ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -  الحج عرفات  وسنذكر هذا في باب   ابن شهاب ،  عن  سالم ،  ونذكر هناك ما للعلماء من التنازع في كيفية فرض وقتها ، وأنه لا حج لمن لم يقف بها إن شاء الله .  
فمن حجة  مالك  ومن قال بقوله : أمر الله عز وجل كل من دخل في حج أو عمرة بإتمام ما دخل فيه لقوله :  وأتموا الحج والعمرة لله   ومن رفض إحرامه ، فلم يتم حجه ولا عمرته .  
ومن حجة   أبي حنيفة  أن الحج الذي كان فيه لما لم يكن يجزي عنه ، ولم يكن الفرض لازما له حين أحرم به ، ثم لزمه حين بلغ ، استحال أن يشتغل عن فرض قد تعين عليه بنافلة ويعطل فرضه ، كمن  دخل في نافلة وأقيمت عليه المكتوبة وخشي فوتها   قطع النافلة ودخل المكتوبة واحتاج إلى الإحرام عند   أبي حنيفة ;  لأن الحج عنده مفتقر إلى النية ، والنية والإحرام هما من فرائضه عنده .  
وأما   الشافعي  فاحتج بهذه الحجة التي ذكرناها   لأبي حنيفة ،  واحتج في إسقاط تجديد النية بأنه جائز لكل من نوى بإهلاله الإحرام أن يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة بحديث  علي ،  إذ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -      [ ص: 112 ] حين أقبل من  اليمن   مهلا بالحج  بم أهللت ؟ قال : قلت لبيك اللهم بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإني أهللت بالحج ، وسقت الهدي  ، ولم ينكر عليه رسول الله مقالته ، ولا أمره بتجديد نية لإفراد ، أو قران ، أو متعة .  
حدثنا   عبد الله بن محمد بن أسد ،  حدثنا  سعيد بن عثمان بن السكن ،  حدثنا  محمد بن يوسف ،  حدثنا   محمد بن إسماعيل  وذكر   البخاري ،  حدثنا   مسدد ،  حدثنا   بشر بن المفضل ،  عن  حميد ،  قال : حدثنا  بكر  أنه ذكر   لابن عمر  أن  أنسا  حدثهم  أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة وحجة ، فقال : أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج ، وأهللنا به ، فلما قدمنا  مكة   قال : من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة ، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم هدي ، فقدم علينا   علي بن أبي طالب     - رضي الله عنه - من  اليمن   حاجا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : بم أهللت فإن معنا أهلك ؟ فقال : أهللت بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فأمسك ، فإن معنا هديا     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					