[ ص: 447 ] كتاب الجنايات  
قتل المسلم بالذمي  
- نسخ ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم - :  لا يقتل مسلم بكافر  في باب استيفاء القصاص قبل اندمال الجرح ، والاختلاف فيه .  
- ذكر ما يدل على النسخ .  
باب في الوقود بالنار ، والاختلاف فيه .  
باب المثلة ونسخها .  
باب نسخ القتل في حد السكران .  
- ذكر ما يدل على النسخ .  
باب جلد المحصن قبل الرجم ، والاختلاف فيه .  
باب ما جاء فيمن زنا بجارية امرأته من الاختلاف .  
 [ ص: 448 ]  [ ص: 449 ] ومن كتاب الجنايات  
قتل المسلم بالذمي  
حديث  لابن البيلماني  مرسل - تفسير  لابن وهب     - قول   الدارقطني     - اختلاف أهل العلم - ذهب   الشافعي  إلى النسخ - شواهد لما ذكر   الشافعي     - حديث الفتح إسناده واه - حديث  لعلي  بعدم  قتل مؤمن بكافر      .  
قرأت على  أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله ،  أخبرك  أحمد بن الحسن ،  أخبرنا  محمد بن علي ،  أخبرنا  عبد الله بن محمد الأسدي ،  أخبرنا   علي بن الحسن ،  أخبرنا  سليمان بن الأشعث ،  حدثنا  ابن أبي ناجية الإسكندراني ،  حدثنا  ابن وهب ،  حدثني   سليمان بن بلال ،  حدثني   ربيعة بن أبي عبد الرحمن ،  عن  عبد الرحمن بن البيلماني ،  حدثه  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل من المسلمين قتل معاهدا من أهل الذمة ، فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب عنقه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنا أولى من وفى بذمته     .  
قال  ابن وهب     : تفسيره أنه قتله غيلة .  
وأخبرنا  عبد الحق بن عبد الخالق ،  أخبرنا  أبو الحسين ،  حدثنا  محمد بن علي القرشي ،  حدثنا  علي بن عمر ،  حدثنا   محمد بن إسماعيل الفارسي ،  حدثنا  إسحاق بن إبراهيم ،  أخبرنا  عبد الرزاق ،  عن   الثوري ،  عن  ربيعة ،   [ ص: 450 ] عن  عبد الرحمن بن البيلماني ،  يرفعه  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقاد مسلما قتل يهوديا ، وقال : أنا أحق من وفى بذمتي     .  
رواه   أبو بكر بن أبي شيبة  عن  عبد الرحيم ،  عن  ربيعة ،  عن  حجاج ،  عن  عبد الرحمن البيلماني ،  فزاد في الإسناد  حجاجا ،  وكذلك رواه  هشام بن يونس ،  عن  أبي مالك الجنبي ،  عن  حجاج ،  وقد اتفق هؤلاء على روايته منقطعا ، وقد خالفهم   إبراهيم بن أبي يحيى  في ذلك ، فرواه عن  ربيعة  عن  ابن البيلماني ،  عن   ابن عمر  مرفوعا ، وليس  ابن أبي يحيى  ممن يفرح بحديثه .  
قال   الدارقطني     : لم يسنده غير   إبراهيم بن أبي يحيى ،  وهو متروك الحديث .  
والصواب عن  ابن البيلماني  مرسلا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -  وابن البيلماني  ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث ، فكيف بما يرسله ؟ والله أعلم .  
وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :  
فذهبت طائفة إلى أن المسلم يقتل بالذمي خاصة ، وإليه ذهب   الشعبي ،   وإبراهيم النخعي ،  وأبو حنيفة  وأصحابه ، وتمسكوا في ذلك بهذا الحديث .  
 [ ص: 451 ] وخالفهم في ذلك عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الأمصار ، وقالوا : لا يقتل المسلم بالكافر ، ولم يفرقوا بين الذمي والحربي ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث ثابتة وصحيحة .  
وروينا نحو ذلك عن   عمر بن الخطاب ،   وعثمان بن عفان ،   وعلي بن أبي طالب ،   وزيد بن ثابت ،  رضوان الله عليهم ، وبه قال   الحسن البصري ،  وعطاء ،  وعكرمة ،  ومالك ،  وأهل المدينة ،    والشافعي  وأصحابه ،  وأهل مكة    والأوزاعي ،  وأهل الشام   ، ومن الكوفيين :   الثوري  وأصحابه ،  وأحمد ،  وإسحاق ،  وأبو عبيد ،   وأبو ثور ،  ومعهم من العراقيين ، والخراسانيين .  
وذهب   الشافعي  إلى أن حديث  ابن البيلماني  على تقدير ثبوته منسوخ بقوله في خطبته - زمن الفتح - : لا يقتل مسلم بكافر .  
ونحن نذكر أحاديث شواهد لما ذكره   الشافعي ،  أخبرني  أبو الفضل الأديب ،  حدثنا  سعد بن علي ،  أخبرنا   القاضي أبو الطيب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا   إسماعيل بن محمد بن الصفار ،  حدثنا  العباس بن محمد ،  حدثنا   عمر بن حفص بن غياث ،  حدثنا أبي ، عن  حجاج ،  عن  قتادة ،  عن  مسلم الأحول ،  عن   مالك الأشتر ،  قال :  أتيت  عليا  فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنا إذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء ، فهل عهد إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا سوى القرآن ؟ قال : لا ، إلا ما في هذه الصحيفة في علاقة سوطي ، فدعا الجارية فجاءت بها ، قال :  إن  إبراهيم   حرم  مكة ،   وأنا أحرم  المدينة ،   فهي حرام ما بين حرتيها ، أن لا يعضد شوكها ولا ينفر صيدها ، فمن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، والمؤمنين يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم      [ ص: 452 ] أدناهم ، لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده     .  
قال  حجاج     : وحدثني   عون بن أبي جحيفة ،  عن  أبي جحيفة ،  عن  علي  مثله ، إلا أن يختلف منطقهما في الشيء ، فأما المعنى فواحد .  
وقرأت على  محمد بن ذاكر بن محمد بن أحمد ،  أخبرك  الحسن بن أحمد ،  أخبرنا  محمد بن أحمد بن محمد الكاتب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا  محمد بن علي بن جعفر ،  حدثنا  أحمد بن الحسن بن سفيان ،  حدثنا  أحمد بن عبيد بن ناصح  ، حدثنا   الواقدي ،  حدثني   عمرو بن عثمان ،  عن  خريبق بنت الحصين ،  عن   عمران بن حصين ،  قال :  قتل  خراش بن أمية  بعد ما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القتل فقال : لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت  خراشا  بالهذلي     .  
يعني لما قتل  خراش  رجلا من  هذيل   يوم فتح  مكة      .  
هذا الإسناد ، وإن كان واهيا ، فهو أمثل من حديث  ابن البيلماني ،  وهذا الحديث طرف من حديث الفتح ، وهو حديث طويل ثابت ، ولاشتهاره وطوله وكثرة رواته يوجد فيه تغاير ألفاظ ، وزيادات معان وأحكام ، وذلك لا يوجب وهنا ؛ لأن أصل الحديث محفوظ ، وكذلك حديث   مالك الأشتر ،  عن  علي     - رضي الله عنه - وإن كان في سنده غرابة من الوجه الذي سقناه ، غير أن الحديث محفوظ من رواية   الشعبي  وغيره ، وإذا كان أصل الحديث محفوظا لا يبالي بغرابة السند ، والله أعلم .  
 [ ص: 453 ] وأخبرنا  روح بن بدر بن ثابت ،  عن  أبي الفتح أحمد بن محمد ،  عن  أبي الصيرفي ،  أخبرنا   محمد بن يعقوب الأصم ،  أخبرنا  الربيع ،  أخبرنا   الشافعي  فيما رد  على محمد بن الحسن  في هذه المسألة قال : أخبرنا  سفيان بن مطرف ،  عن   الشعبي ،  عن  أبي جحيفة ،  قال :  سألت  عليا     - رضي الله عنه - فقلت : عندكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء سوى القرآن ؟ قال : لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ؛ إلا أن يأتي الله عبدا فهما في القرآن وما في الصحيفة . فقلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مؤمن بكافر     .  
قال   الشافعي     : فهذا ثابت معروف عندنا ، غير أننا تأولنا فذهبنا إلى أنه إنما عني الكفار من أهل الحرب فقال : قال فيه " ولا ذو عهد في عهده " . قال   الشافعي     : إن كان قال : " ولا ذو عهد في عهده " فإنما قاله تعليما للناس ، إذ يسقط القود بين المؤمن والكافر أنه لا يحل له قتل من له عهد من الكافرين ، واستشهد في حمل قوله لا يقتل مؤمن بكافر على الظاهر كقوله : لا يرث المسلم الكافر ، ثم ناقضه بالمسلم يقتل المستأمن وله عهد ، ثم لا يقتله به قال : فقد روينا من حديثابن البيلماني  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل مؤمنا بكافر  ، قال   الشافعي     - رضي الله عنه - : حديثنا متصل ، وحديث  ابن البيلماني  منقطع وخطأ ، إنما روى  ابن البيلماني  فيما بلغني  أن   عمرو بن أمية  قتل كافرا كان له عهد إلى مدة ، كان المقتول رسولا فقتله به ،  فلو كان ثابتا كنت أنت خالفت الحديث .  
قال   الشافعي     : والذي قتله   عمرو بن أمية  قبل  بني النضير ،   وقبل الفتح بزمان ، وخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقتل مسلم بكافر عام الفتح ، ولو كان      [ ص: 454 ] كما تقول كان منسوخا ، قال : فلم لم تقل هو منسوخ ، قلت : هو خطأ ؟ قال   الشافعي     : قلت : عاش   عمرو بن أمية  بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - دهرا ، وأنت إنما تأخذ العلم من بعد ليس لك به مثل معرفة أصحابنا ،  وعمرو  قتل اثنين وداهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يزد  عمرا  على أن قال : قتلت رجلين لهما مني عهد لأدينهما . وذكر تمام الكلام .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					