[ ص: 455 ] باب في استيفاء  القصاص قبل اندمال الجرح ،   والاختلاف فيه  
لا قصاص حتى يبرأ المجروح - وحديث عن   عبد الله بن عمرو     - وآخر عن  جابر     - اختلاف أهل العلم - قول   الدارقطني     - الدليل على النسخ .  
قرأت على  محمد بن ذاكر بن محمد المستملي ،  أخبرك  الحسن بن أحمد ،  أخبرك  محمد بن أحمد الكاتب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا   محمد بن مخلد ،  حدثنا  إسماعيل بن الفضل ،  حدثنا   يعقوب بن حميد ،  حدثنا  عبد الله بن عبد الله الأموي ،  عن   ابن جريج ،   وعثمان بن الأسود ،  ويعقوب بن عطاء ،  عن  أبي الزبير ،  عن  جابر     - رضي الله عنه -  أن رجلا جرح ؛ فأراد أن يستقيد ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح     .  
وقال  أبو بكر النيسابوري ،  حدثنا  محمد بن إسحاق ،  حدثنا  أحمد بن محمد الأزرقي ،  حدثنا   مسلم بن خالد ،  عن   ابن جريج ،  عن  عمرو بن   [ ص: 456 ] شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، قال :  نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من جرح حتى ينتهي     .  
وروى  يزيد بن عياض ،  عن  أبي الزبير ،  عن  جابر  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  يستأنى بالجراحات سنة  
وقد روي هذا الحديث عن  جابر  من غير وجه ، وإذا اجتمعت هذه الطرق قوي الاحتجاج بها .  
وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :  
فذهب أكثرهم إلى القول بظاهر هذه الأخبار ، ورأوا أن ينتظر بالجرح إلى أوان البرء ؛ وإليه ذهب  مالك  وأكثر  أهل المدينة ،   وأبو حنيفة  وأصحابه ،  وأهل الكوفة ،    وأحمد بن حنبل     .  
وخالفهم في ذلك نفر من أهل العلم وقالوا : للمجني عليه أن يستوفي القصاص في الطرف حالة القطع ، ولا ينتظر أوان البرء ، وإليه ذهب   الشافعي  وأصحابه ، وتمسكوا في ذلك بحديث أخبرنيه  أبو الفضل الأديب ،  أخبرنا  سعد بن علي ،  أخبرنا   القاضي أبو الطيب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا   محمد بن إسماعيل الفارسي ،  حدثنا  إسحاق بن إبراهيم بن عباد ،  حدثنا  عبد الرزاق ،  عن   ابن جريج ،  أخبرني   عمرو بن دينار ،  عن  محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ،  أنه أخبرهم :  أن رجلا طعن رجلا بقرن في رجله ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أقدني . فقال : حتى تبرأ . قال : أقدني . قال : حتى تبرأ . قال      [ ص: 457 ] أقدني . فأقاده ، ثم عرج ، فجاء المستقيد فقال : حقي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا حق لك     .  
ورواه  معمر ،  عن  أيوب ،  عن   عمرو بن دينار ،  عن  محمد بن طلحة  مثله ، ورواه   إسماعيل بن علية ،  عن  أيوب ،  عن   عمرو بن دينار ،  وقد اختلف عليه فيه : فرواه عنه   أحمد بن حنبل  مرسلا ، وخالفه فيه  أبو بكر  وعثمان  ابنا  أبي شيبة ،  فروياه عن   إسماعيل ابن علية  عن  أيوب  عن  عمرو  عن  جابر  موصولا ، والقول ما قاله  أحمد     .  
قال   الدارقطني     : أخطأ ابنا  أبي شيبة ،  والمرسل هو المحفوظ ، كذلك يقوله أصحاب   عمرو بن دينار     .  
ووجه الدليل من هذا الحديث فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم ينتظر إلى أوان البرء بل أقاده في الحال ، يقال على هذا : الاستدلال بهذا الحديث غير سائغ ؛ لأن في حديث   عبد الله بن عمرو بن العاص  ما يدل على أن هذا الحكم منسوخ ، وإنما أقاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القضية حسب ، ولم يقد بعد ذلك .  
 [ ص: 458 ] ذكر ما يدل على النسخ  
أخبرني  محمد بن ذاكر بن محمد المستملي ،  أخبرنا  إسماعيل بن الفضل ،  أخبرنا  محمد بن أحمد الكاتب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا  أبو طاهر محمد بن أحمد  بمصر   ، حدثنا   أبو أحمد محمد بن عبدوس ،  حدثنا  القواريري ،  حدثنا  محمد بن عمران ،  عن   ابن جريج ،  عن   عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده :  أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبتيه ، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقدني . قال : حتى تبرأ . ثم جاء إليه فقال : قد نهيتك فعصيتني ؛ فأبعدك الله وبطل عرجك . ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه     .  
هذا الحديث يروى عن   ابن جريج  من غير وجه ، فإن صح سماع   ابن جريج  عن   عمرو بن شعيب  فهو حديث حسن يقوى الاحتجاج به لمن يرى الحكم الأول منسوخا ، والله أعلم بالصواب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					