[ ص: 44 ] الفصل الأول : في صفة الأذان  
وهو سبع عشرة جملة من الكلام ، وقول الأصحاب سبع عشرة كلمة مجاز عبروا بالكلمة عن الكلام ، وإلا فهو ثمانية وستون كلمة . والخلاف في مواضع منه أحدها التكبير فعندنا مثنى ، وعند   الشافعي  وأبي حنيفة  أربع ، والأحاديث الصحيحة مختلفة في ذلك وتترجح رواية مذهبنا بعمل أهل المدينة     ; فإنها موضع إقامته عليه السلام حالة استقلال أمره ، وكمال شرعه إلى حين انتقاله لرضوان ربه ، والخلفاء بعده كذلك يسمعه الخاص والعام بالليل والنهار برواية الخلف عن السلف رواية متواترة مخرجة له من حين الظن والتخمين إلى حين اليقين ، وأما الروايات الأخر فلا تفيد إلا الظن ، وهو لا يعارض القطع ولذلك رجع  أبو يوسف  عن مذهب  أبي حنيفة     - رضي الله عنهم أجمعين - وثانيها ترجيع الشهادتين خالف فيه  أبو حنيفة  محتجا بأن سبب الترجيع قد انتفى فينتفي ، وذلك أن سببه إغاظة المشركين بالشهادتين أو أمره  أبا محذورة  بالإعادة للتعليم أو أنه كان شديد البغض له عليه السلام ، فلما أسلم ، ومد في الأذان ، ووصل إلى الشهادتين أخفى صوته حياء من قومه فدعاه عليه السلام ، وعرك أذنه ، وأمره بالترجيع . وجوابه أن الحكم قد ينتفي سببه ويبقى كالرملان في الحج لإغاظة المشركين وهو باق لقول  عمر  رضي الله عنه : ما لي أرى الرملان ولا من أري مع أنه مخالف في المسألتين ، ولكن قولة  عمر  وغيره   [ ص: 45 ] حجة عليه . لنا ما تقدم من المدينة  وما في  أبي داود  أنه عليه السلام قال  لأبي محذورة  في تعليمه الأذان : تقول الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك ، ثم تقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا  رسول الله أشهد أن محمدا  رسول الله تخفي بها صوتك ، ثم ترفع بالشهادة وكمل له الأذان إلى قوله حي على الفلاح ، ثم قال له : فإن كانت صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله   . 
فرع 
قال في الكتاب : يكون صوته في ترجيع الشهادتين أرفع من الأول  ، قال صاحب الطراز : هذا يقتضي الإسماع بالأول وهو الحق ; لأنه أذان فلا بد فيه من الإعلام قال : والظاهر أنه لا يخفض التكبير على ما في الكتاب ، وهي رواية  أشهب  عنه وقد تأول بعض المتأخرين خفضه من الكتاب وهو غلط ، قال في سماع  أشهب     : يرجع المؤذن الأول بخلاف من بعده ، وقال  المازري     : اختلف في أول الأذان فقيل يخفض فيه الصوت مثل ما قبل الترجيع ، ويبتدئ الرفع من الترجيع ، وقيل يرفع أولا ، ثم يخفض ويرفع من الترجيع إلى آخره ، واختاره لما فيه من موافقة الأحاديث في علو الصوت ، ومما فيه من الإعلام . وثالثها الصلاة   [ ص: 46 ] خير من النوم ، عندنا مشروعة خلافا ( ش ح ) في أحد قوليهما ، لنا إجماع المدينة  ، وحديث   أبي محذورة  المتقدم ، قال صاحب الطراز : اختلف في حين مشروعيته فقيل إن  عمر     - رضي الله عنه - أمر به ، ففي الموطأ قال  مالك     : بلغني أن المؤذن جاء يؤذن  عمر  بالصلاة فوجده نائما ، فقال : الصلاة خير من النوم فقال له : اجعلها في نداء الصبح وقيل أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تقدم في حديث   أبي محذورة  ، ويحتمل أن يكون ذلك من  عمر  إنكارا لما قاله المؤذن في غير صلاة الصبح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					