مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " وإن  أدخل الجنب أو الحائض أيديهما في الإناء ولا نجاسة فيهما   لم يضره " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال :  بدن الجنب والحائض   طاهر فإن أدخل أحدهما يده وشيئا من بدنه في الماء قبل الغسل لم يضره ، والماء طاهر ، وحكي عن  أبي حنيفة   أن الجنب إذا أدخل رجله في ماء قليل نجس ، وكذا لو أدخلها في ماء ثان ، وإن أدخلها في ثالث لم ينجس ، ولو أدخل يده لم ينجس الماء وفرق بين يده وبين غيرها من جسده بأنه مفتقر إلى إدخال يده في الماء لاستعماله وغير مفتقر إلى إدخال ما سواها من جسده ، وهذا خطأ : لرواية  هشام بن عروة   عن أبيه عن  عائشة  قالت : "  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا في المسجد فأخرج إلي رأسه فغسلته وأنا حائض     " .  
وروى  عبد الله بن شداد   قال : قالت  ميمونة     :  صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرط كان بعضه عليه وبعضه علي وأنا حائض     " .  
وروت   أم سلمة  قالت :  قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ناوليني الخمرة يعني : البساط الذي يصلي عليه فقلت : يا رسول الله : إني حائض فقال هاتيه فليست الحيضة في يدك ، ولا المؤمن ينجس     " .  
وروى  أبو هريرة   قال :  لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أزقة  المدينة   فسلم علي ومد يده ليصافحني فقلت : يا رسول الله إني جنب فقال : المؤمن لا يجنب  يعني : أنه لا ينجس : ولأن غسل البدن قد يجب من الحدث كوجوبه من الجنابة ثم لو أدخل يديه في الماء محدثا      [ ص: 228 ] لم ينجس فكذا الماء أدخله جنبا لم ينجس فعلى هذا لو أن  جنبا أو حائضا غاص في الماء ناويا والماء كثير   طهر من جنابته ، ومن نجاسته إن كانت على بدنه نجاسة والماء طاهر مطهر ما لم يحصل للنجاسة فيه أثر ، فإن كان  الماء قليلا ولم يكن على بدنه نجاسة   طهر من جنابته وصار الماء مستعملا ، فإن كان على بدنه نجاسة لم يطهر من جنابته ولا من نجاسته لأن الماء نجس بورود النجاسة وصار نجسا ، فلو اغتسل هذا الجنب بعد نجاسة بدنه غسلا واحدا طهر من نجاسته وهل يطهر من جنابته أم لا ؟ على وجهين :  
أحدهما : أنه لا يطهر من الجنابة حتى يغتسل غسلا ثانيا ، لأن ماء الغسل الأول صار بملاقاة النجاسة مستعملا فيها ، وما استعمل في النجاسة لم يرتفع به حدث الجنابة .  
والوجه الثاني : أنه قد طهر من جنابته بالغسل الأول كما طهر من نجاسته لملاقاة الماء لهما في حاله وليس ارتفاع أحدهما أولى من الآخر فاقتضى أن يكون دافعا لهما . والله أعلم بالصواب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					