فصل : والحال الثالثة :  أن يوكله في الحد والقصاص بعد إثباته   ، فإن كان الموكل حاضرا عند استيفائه صحت الوكالة ، وإن كان غائبا فظاهر كلام  الشافعي   هاهنا أنه لا يجوز ، وقال في كتاب الجنايات ما يدل على جوازه وهو قوله : ولو  أذن له أن يقتص فتنحا به ثم عفا الموكل وقتل الوكيل من غير أن يعلم   به ففيه قولان ، فاختلف أصحابنا فكان أكثرهم يخرجون المسألة على قولين لاختلاف قوله في الموضعين : 
أحدهما : أنه لا يجوز احتياطا للدماء في فوات استدراكها إن حدث من الموكل عفو عنها وأنه إن حضر كان أرق قلبا في العفو عنها .  
والقول الثاني : وهو أصحهما أن ذلك جائز لأن ما صح فيه التوكيل مع حضور الموكل صح فيه التوكيل مع غيبة الموكل قياسا على تثبيت القصاص ، ولأن ما صح التوكيل في إثباته صح التوكيل في استيفائه كالأموال .  
وقال آخرون منهم  أبو إسحاق المروزي      : إن التوكيل في استيفائه يجوز قولا واحدا على ما ذكرنا ، وحمل ما اقتضاه ظاهر كلامه هاهنا على المنع إذا كان التوكيل في إثباته وحده .  
وقال آخرون بل لا يجوز قولا واحدا وحملوا كلام  الشافعي   في الجنايات على جوازه مع حضور موكله ، وأن معنى قوله فتنحا به عن قرب موكله إلى حيث يستوفي له على بعد منه وهو شاهده ، فيمكن بالمشاهدة والحضور استدراك عفوه والله أعلم .  
				
						
						
