فصل :  
وإذا أتى ما يوجب الحد ، ولم يعلم منه إلا بإقراره ، فلا يخلو الحد من أن يكون من حقوق الله تعالى ، أو من حقوق الآدميين . فإن كان من  حقوق الآدميين   كالقصاص وحد القذف لزمه الإقرار به ، ولم يصح كتمه : لأنه لا يسقط بالتوبة . وإن كان      [ ص: 334 ] من  حقوق الله تعالى   كحد الزنا وقطع السرقة وجلد الخمر ، فقد قال أبو حامد الإسفراييني : إن لم يتكرر ذلك منه ولا كان مشهورا به ، فالمستحب له أن يكتمه على نفسه ولا يقر به . فإن تكرر منه وكان مشهورا به ، فالمستحب له أن يقر به ولا يكتمه . وليس لهذا الفرق وجه ، والصحيح عندي أن ينظر فإن تاب منه فاستحب له أن يكتمه ولا يقر به : لقول النبي صلى الله عليه وسلم :  من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله   ، فإنه من يبد لنا صفحته ، نقم حد الله عليه     .  
وإن لم يتب ، فالأولى أن يقر به : لأن في إقامة الحدود تكفيرا وتطهيرا .  
روى  الشافعي   ، عن  سفيان   ، عن  الزهري   ، عن  أبي إدريس الخولاني   ، عن  عبادة بن الصامت   ، قال :  كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال : تبايعون على أن لا تشركوا بالله شيئا ، وقرأ علينا الآية ، وقال : فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن اختان من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله ، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه     .  
قال  الشافعي      : لم أسمع في الحدود حديثا أبين من هذا .  
وروى  خزيمة بن ثابت   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من أصاب ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته     .  
				
						
						
