مسألة : قال  الشافعي      : " ومن حلف بغير الله فهي يمين مكروهة وأخشى أن تكون معصية : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع  عمر   يحلف بأبيه فقال عليه السلام :  ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فقال  عمر      : والله ما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا     .  
قال  الماوردي      : وهو كما قال ،  اليمين بغير الله من المخلوقات   كلها مكروهة ، سواء حلف بمعظم كالملائكة ، والأنبياء ، أو بغير معظم ، لرواية  الشافعي   عن  مالك   ، عن  نافع   ، عن  ابن عمر   أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  أدرك  عمر بن الخطاب   وهو يسير في ركب ، وحلف بأبيه ، فقال : إن الله ينهاكم بأن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت     .  
وروى  الشافعي   عن  سفيان   ، عن  الزهري   ، عن  سالم   ، عن أبيه ، قال :  سمع نبي الله  عمر   يحلف بأبيه ، فقال : إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم . قال  عمر      : فوالله ما حلفت بها ذاكرا ولا آثرا  ، وفيه تأويلان :  
أحدهما : يعني : عامدا ، ولا ناسيا .  
والثاني : معتقدا لنفسي ، ولا حاكيا عن غيري .  
وروى  ابن عمر   أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  من حلف بغير الله فقد أشرك   ، وفيه تأويلان :  
أحدهما : فقد أشرك بين الله وبين غيره في التعظيم ، وإن لم يصر من المشركين الكافرين .  
والثاني : فقد أشرك بالله ، فصار كافرا به إن اعتقد لزوم يمينه بغير الله كاعتقاد لزومها بالله .  
فإن قيل : فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حلف بغير الله ، فقال للأعرابي : " وأبيه إن صدق دخل الجنة " ، وقال  لأبي العشراء الدارمي      :  وأبيك لو طعنت في فخذه لأجزأك  فعنه جوابان :  
أحدهما : أنه لم يخرج مخرج اليمين ، وإنما كانت كلمة تخف على ألسنتهم في مبادئ الكلام .  
والثاني : أنه يجوز أن يكون ذلك في صدر الإسلام قبل النهي .  
وقول  الشافعي      : وأخشى أن يكون معصية .  
 [ ص: 263 ] هي في استحقاق الوعيد ؛ لأنه ليس كل مكروه يستحق عليه الوعيد .  
				
						
						
