مسألة : قال  الشافعي      : " ولو قال  بالله أو تالله   فهي يمين نوى أو لم ينو " . وقال في الإملاء : " تالله يمين " وقال في القسامة ليست بيمين ( قال  المزني      ) رحمه الله : وقد حكى الله عز وجل يمين  إبراهيم   عليه السلام  وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين      .  
 [ ص: 276 ] قال  الماوردي      : اعلم أن  حروف القسم   ثلاثة : الواو وهي أصلها ، ثم الياء ، ثم التاء ، فأما الواو فقوله : والله ، وهو الحرف الصريح في القسم ، فإذا قال : والله ، كان حالفا ، لا يرجع إلى إرادته في ظاهر ولا باطن ، ولا يلزمه حكم اليمين في حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين ، وأما الباء المعجمة من تحت ، فقوله : بالله ، وفيها بعض الاحتمال ؛ لأنه مع غالب الأحوال في القسم يحتمل أن يريد : بالله أستعين وبالله أتقي ، وبالله أومن ، فإن أراد به القسم ، أو قال مطلقا كان يمينا في الظاهر والباطن في حقوق الله وحقوق الآدميين ، وإن لم يرد به القسم ، وأراد ما ذكرنا من احتماله دين في الباطن حملا على ما نواه ، ولم تلزمه الكفارة ، وكان حالفا في الظاهر ، اعتبارا بالغالب من حال الظاهر ، ولزمه حكم اليمين كما لو قال لزوجته : أنت طالق ، وأراد من وثاق دين في الباطن وكان طلاقا في الظاهر .  
وأما التاء المعجمة من فوق ، فقوله : تالله ، فمنصوص  الشافعي   في الأيمان والإيلاء أنها يمين ؛ لأن الشرع قد ورد بها ، قال الله تعالى :  وتالله لأكيدن أصنامكم      [ الأنبياء : 57 ]  قالوا تالله لقد آثرك الله علينا      [ يوسف : 91 ] . ونقل  المزني   عن  الشافعي   في القسامة : تالله ليست بيمين ، فاختلف أصحابنا في تخريج ما نقله في القسامة على وجهين :  
أحدهما : أنه ليس بصحيح ، وقد وهم فيه ، وإنما قال  الشافعي      : " بالله " ليست بيمين ، بالباء معجمة من تحت ، وقد ذكر  الشافعي   في تعليله ما يدل على هذا ، فقال : لأنه دعاء ، فعلى هذا تكون تالله يمينا قولا واحدا .  
والوجه الثاني : أن نقل  المزني   صحيح ، لضبطه في نقله ، فعلى هذا اختلف أصحابنا مع صحة النقل في كيفية تخريجه على ثلاثة أوجه :  
أحدهما : أنه تخريج قول ثان ، فيكون على قولين لاختلاف النقل فيه .  
أحدهما : وهو مذهب  أبي حنيفة   أن يكون يمينا في المواضع كلها من غير أن تعتبر فيه إرادة : لأن عرف الشرع بها وارد : ولأن التاء في القسم بدل من الواو ، فقامت مقامها في الحكم .  
والقول الثاني : أنها ليست بيمين في المواضع كلها إلا أن يريدها يمينا ، فتصير بالإرادة يمينا لخروجها عن عرف الاستعمال والتباسها على أكثر الناس ، والأيمان مختصة بما كان في العرف مستعملا ، وعند عامة الناس مشتهرا ، فهذا وجه .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي إسحاق المروزي      : أنها تكون يمينا في خواص الناس الذين يعرفون أن التاء من حروف القسم ولا تكون في العامة الذين لا يعرفون      [ ص: 277 ] ذلك إلا بالإرادة والنية ، كما أن العربي إذا حلف بالأعجمية تكون يمينا إذ عرفها ، ولا تكون يمينا إن لم يعرفها ، وكذا الأعجمي إذا حلف بالعربية .  
والوجه الثالث : وهو قول  أبي علي بن أبي هريرة   أنها تكون يمينا في التغليظ عليه ، ولا تكون يمينا في التخفيف عنه ، فلا يجعلها يمينا في القسامة : لأنه يثبت بها لنفسه حقا ، ويجعلها يمينا في الإيلاء : لأنه يثبت بها على نفسه حقا .  
				
						
						
