[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم  
كتاب العتق  
باب عتق الشرك في الصحة والمرض والوصايا في العتق  
مسألة : قال  الشافعي ،   رضي الله عنه : ( من  أعتق شركا له في عبد ، وكان له مال يبلغ قيمة العبد ،   قوم عليه قيمة عدل ، وأعطى شركاءه حصصهم ، وعتق العبد ، وإلا فقد عتق ما عتق ) وهكذا روى  ابن عمر   عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .  
قال  الماوردي      : إنما  عتق العبيد والإماء من القرب   التي تتردد بين وجوب وندب ،  والأصل فيه قول الله تعالى      :  فلا اقتحم العقبة   وما أدراك ما العقبة   فك رقبة      . ( البلد : 13 : 1 ) يعني عتق رقبة من الرق .  
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  في جهنم عقبة لا يقتحمها إلا من فك رقبة .  
وقال تعالى :  وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك   يعني  زيد بن حارثة ،   أنعم الله عليه بالإسلام ، وأنعم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتق : ولذلك سمي المولى المعتق منعما . وقال الله تعالى فيما أوجبه من كفارة القتل : "  فتحرير رقبة مؤمنة      " ( النساء : 92 ) ، وفيما أوجبه من كفارة الظهار " فتحرير رقبة " ، وفي الكتابة المفضية إلى العتق "  فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا      " ( النور : 33 ) ، وروي عن  ابن عيينة   أن رسول صلى الله عليه وسلم قال :  من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار .  
وروى  واثلة بن الأسقع ،   وعبد الله بن عمر   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار .  
وروي أن  عائشة  رضي الله عنها نذرت أن تعتق عشرة من  بني  إسماعيل ،    فسبي قوم من  بني تميم ،   فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :  إن سرك أن تعتقي الصميم من ولد  إسماعيل   فأعتقي هؤلاء .     .  
 [ ص: 4 ] وأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم  سلمان ،   وشقران ،   وثوبان ،   وزيد بن حارثة      . واشترى  أبو بكر ،   رضي الله عنه ،  بلالا ،   وكان يعذب على الإسلام ، فأعتقه لوجه الله تعالى ،  فقال فيه  عمر بن الخطاب ،   رضي الله عنه : "  بلال   سيدنا وعتيق سيدنا " .  
وفي قوله : "  بلال   سيدنا " ثلاثة تأويلات :  
أحدها : قوله صلى الله عليه وسلم :  سيد القوم خادمهم .  
والثاني : لسابقته في الإسلام ، وأنه كان من المعذبين فيه .  
والثالث : أنه قصد به التواضع وكسر النفس .  
وقد أعتق  عمر   وعثمان   وعلي   رضوان الله عليهم عبيدا وإماء ، وكذلك أهل الثروة من الصحابة ، رضي الله عنهم ، في عصر الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وبعده ، فدل على  فضل العتق ،   فقيل يا رسول الله : أي الرقاب أفضل ؟ قال :  أكثرها ثمنا وأنفسها عند أهلها  ، ولأن في العتق فكا من ذل الرق بعز الحرية ، وكمال الأحكام بعد نقصانها ، والتصرف في نفسه بعد المنع منه ، وتملك المال بعد حظره عليه ، فكان من أفضل القرب من المعتق ، وأجزل النعم على المعتق ، ولأن الله تعالى كفر به الذنوب ، وجبر به المآثم ، ومحا به الخطايا ، وما هو بهذه الحال فهو عند الله عظيم .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					