[ ص: 114 ] باب الآنية 
مسألة : 
" لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة  في طهارة ولا غيرها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة   "   . 
هذا التحريم يستوي فيه الرجال والنساء بخلاف التحلي فإنه يختص بالرجال ويباح لهم منه أشياء مستثناة ، وكل ما يلبس فهو من باب الحلية سواء كان سلاحا أو لباسا ، وما لم يلبس فهو من باب الآنية مثل المكحلة والمحبرة والمرود والإبريق ، والأصل في ذلك ما روت  أم سلمة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم   " . متفق عليه . 
وفي لفظ  لمسلم    " إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة   " وعن  حذيفة بن اليمان  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة   " . متفق عليه . 
فنهى صلى الله عليه وسلم عن الأكل والشرب  لأنهما أغلب الأفعال وفي التطهير منها والاستمداد والاكتمال والاستصباح ونحو ذلك لأن ذلك   [ ص: 115 ] مظنة السرف باستعمال النقدين في غير ما خلقا له والله لا يحب المسرفين ، ومظنة الخيلاء والكبر لما في ذلك من امتهانهما ، ومظنة الفخر وكسر قلوب الفقراء والله لا يحب كل مختال فخور . 
وكذلك يحرم اتخاذها في المشهور من الروايتين ، فلا يجوز صنعتها ولا استصياغها ولا اقتناؤها ولا التجارة فيها لأنه متخذ على هيئة محرمة الاستعمال ، فكان كالطنبور ، وآلات اللهو ، ولأن اتخاذها يدعو إلى استعمالها غالبا فحرم كاقتناء الخمر والخلوة بالأجنبية ، ولا تصح الطهارة  منها في أصح الوجهين اختاره أبو بكر  ، وسواء اغترف منها أو اغتمس فيها لأنه أتى بالعبادة على الوجه المحرم فأشبه الصلاة في الدار المغصوبة ، فعلى هذا إن جعلها مصبا لما ينفصل عنه حين التوضؤ فوجهان أصحهما عدم الصحة وفي الثاني يصح ، اختاره الخرقي  وغيره ؛ لأن التحريم لا يرجع إلى نفس العبادة ولا إلى شرط من شرائط وجوبها وأدائها فأشبهه التوضؤ في المكان المغصوب والصلاة بخاتم ذهب ؛ لأن الآنية ليست من الوضوء ولا من شروطه ، بخلاف البقعة ، والسترة في الصلاة ، والمال في الحج . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					