( ولو )   ( انفض الأربعون ) الحاضرون ( أو بعضهم في الخطبة )    ( لم يحسب المفعول ) من أركانها ( في غيبتهم ) لانتفاء سماعهم له وسماعها واجب { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا    } إذ المراد به الخطبة كما قاله من المفسرين  ،  ويعتبر أن يسمع الأربعون جميع أركانها  ،  ولا يتأتى هنا الخلاف الآتي في  [ ص: 309 ] الانفضاض في الصلاة لأن كل واحد منهم مصل لنفسه  ،  فجازت المسامحة في نقصان العدد في الصلاة  ،  والمقصود من الخطبة إسماع الناس فإذا انفض الأربعون بطل حكم الخطبة  ،  وإذا انفض بعضهم بطل حكم العدد المعتبر وهو تسعة وثلاثون على الأصح كما مر  ،  فلو كان مع الإمام الكامل أربعون فانفض منهم واحد  لم يضر  ،  والانفضاض مثال والضابط النقص ( ويجوز البناء على ما مضى إن عادوا قبل طول الفصل ) عرفا لأن الفصل اليسير لا يعد قاطعا للموالاة  ،  كما يجوز البناء لمن سلم ناسيا ثم تذكر قبل طول الفصل  ،  وشبه الرافعي  الفصل اليسير بالفصل بين صلاتي الجمع ( وكذا بناء الصلاة على الخطبة إن انفضوا بينهما ) أي فيجوز أيضا إذا عادوا عن قرب ( فإن عادوا بعد طوله ) عرفا ( وجب الاستئناف ) للخطبة ( في الأظهر ) فيهما وإن كان بعذر لأنه لم ينقل عنه ذلك إلا متواليا  ،  ولأن الموالاة لها موقع في استمالة القلوب . 
والثاني لا يجب لأن الغرض من الخطبة الوعظ والتذكير ومن الصلاة إيقاع الفرض في جماعة وهو حاصل مع التفريق  ،  واحترز بعادوا عما لو عاد بدلهم  ،  فلا بد من استئناف الخطبة طال الفصل أم لا  ،  وما قررناه من الضبط بالعرف هو الأوجه وإن ضبطه جمع بما يزيد على ما بين الإيجاب والقبول في البيع إذ هو بعيد جدا ( وإن )   ( انفضوا ) أي الأربعون أو بعضهم ( في الصلاة ) بإبطالها أو إخراج أنفسهم من الجماعة في الركعة الأولى    ( بطلت ) الجمعة لفوات العدد المعتبر في صحتها فيتمونها ظهرا . نعم لو عاد المنفضون لزمهم الإحرام بالجمعة إذا كانوا من أهل وجوبها كما أفتى بها الوالد  رحمه الله تعالى  ،  إذ لا تصح ظهر من لزمته الجمعة مع إمكان إدراكها  ،  وليس فيه إنشاء جمعة بعد أخرى لبطلان الأولى . ولو أحرم الإمام وتباطأ المأمومون أو بعضهم بالإحرام عقب إحرام الإمام ثم أحرموا فإن تأخر تحرمهم عن ركوعه  فلا جمعة لهم  [ ص: 310 ] وإن لم يتأخر عن ركوعه  ،  فإن أدركوا الركوع مع الفاتحة بأن تمت قراءتها قبل رفع الإمام رأسه عن أقل الركوع صحت جمعتهم وإلا فلا  ،  وسبقه في الأولى بالتكبير والقيام كما لم يمنع إدراكهم الركعة لا يمنع انعقاد الجمعة  ،  كذا جرى عليه الإمام والغزالي    . وقال البغوي    : إنه المذهب  ،  وجزم به صاحب الأنوار وابن المقري  وهو المعتمد . وقال  الشيخ أبو محمد الجويني    : يشترط أن لا يطول الفصل بين إحرامه وإحرامهم . قال الكمال بن أبي شريف    : فقد ظهر أن إدراكهم الركعة الأولى معه محل وفاق  ،  وقد ادعى المصنف  في شرحه أنه يؤخذ من الاتفاق على ذلك تقييد لحوق اللاحقين بكونه في الركعة الأولى  ،  فلو تحرم أربعون لاحقون بعد رفع الإمام من ركوع الأولى ثم انفض الأربعون الذين أحرم بهم أو نقصوا  فلا جمعة  ،  بل يتمها الإمام ومن بقي معه ظهرا  ،  لأنه قد تبين بفساد صلاة الأربعين أو من نقص منهم أنه قد مضى للإمام ركعة فقد فيها الجماعة أو العدد  ،  إذ المقتدون الذين تصح بهم الجمعة هم اللاحقون ولم يحرموا إلا بعد ركوعه . 
هذا معنى ما ذكره مع تنقيح له وتوشيح . ويجاب عنه بأنهم إذا تحرموا والعدد تام صار حكمهم واحدا كما صرح به الأصحاب  ،  فكما لا يؤثر انفضاض الأولين بالنسبة إلى عدم سماع اللاحقين الخطبة كذلك لا يؤثر بالنسبة إلى عدم حضورهم الركعة الأولى ( وفي قول لا ) تبطل ( إن بقي ) اثنا عشر مع الإمام للخبر المار مع جوابه وفي قول لا إن بقي ( اثنان ) مع الإمام اكتفاء بدوام مسمى الجمع  ،  والمراد على الأول انفضاض مسمى العدد لا الذين حضروا الخطبة  ،  فلو أحرم بتسعة وثلاثين سمعوا الخطبة ثم انفضوا بعد إحرام تسعة وثلاثين لم يسمعوها  أتم بهم الجمعة  ،  لأنهم إذا لحقوا والعدد تام صار حكمهم واحدا فسقط عنهم سماع الخطبة  ،  وإن انفضوا قبل إحرامهم به استأنف الخطبة لهم فلا تصح الجمعة بدونها وإن قصر الفصل لانتفاء سماعهم  [ ص: 311 ] ولحوقهم . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					