( وبالله التوفيق ) هو خلق القدرة والداعية إلى الطاعة كما مر . وقال إمام الحرمين : خلق الطاعة والخذلان ضده . 
ولما كان تأليف كتابه هذا من أفضل الطاعات أشار إلى التبري من الحول والقوة لاختصاص التوفيق بالله تعالى كما يؤخذ من تقديمه الجار والمجرور فالتوفيق به تعالى لا بغيره ( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهدى لولا أن هدانا الله ) أتى به اقتداء بأهل الجنة حيث قالوا ذلك في دار الجزاء المجعولة خاتمة أمرهم  ،  ولهذا قال الأستاذ أبو القاسم القشيري    : هذا اعتراف منهم وإقرار بأنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من حسن تلك العطيات وعظيم تلك المراتب  [ ص: 445 ] العليات بجهدهم واستحقاق فعلهم  ،  وإنما ذلك ابتداء فضل منه ولطف  ،  فلذلك ختم به المصنف ما أنعم الله به من هذا التأليف العظيم ذي النفع العميم الموصل إن شاء الله تعالى إلى الفوز بجنات النعيم إشارة لذلك  ،  وعقب ذلك بالصلاة التي جمعها من اختلاف الروايات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لما أولاه من إنعامه الجسيم  ،  لأنه الآتي بأحكام هذه الشريعة السمحة من عند ربه الحكيم المضمنة لهذا المنهاج القويم بقوله ( اللهم صل على سيدنا محمد  عبدك ورسولك النبي الأمي  ،  وعلى آل محمد  وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم  وعلى آل إبراهيم  ،  وبارك على محمد  وعلى آل محمد  وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم  وعلى آل إبراهيم  في العالمين إنك حميد مجيد  ،  واختم لنا بخير  ،  وأصلح لنا شأننا كله  ،  وافعل ذلك بإخواننا وأحبابنا وسائر المسلمين ) . 
وكما ختمنا بالكلام على العتق كلامنا فنسأل الله تعالى أن يعتق من النار رقابنا  ،  ويجعل إلى الجنة مصيرنا ومآبنا  ،  ويسهل عند سؤال الملكين جوابنا  ،  ويثقل عند الوزن حسناتنا  ،  ويثبت على الصراط أقدامنا  ،  ويمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم فهو غاية آمالنا  ،  وأن يجعل ذلك خالصا لوجه إلهنا  ،  وأن يجعله حجة لنا لا حجة علينا  ،  حتى نتمنى أننا ما كتبناه وما قرأناه . ونسأله أن يختم بالصالحات أعمالنا  ،  وأن يفعل ذلك بنا وبوالدينا وجميع المسلمين . 
ونختم الكتاب بما بدأنا به من حمد الله الذي يبدي ويعيد  ،  والصلاة والسلام على نبيه المخصوص بعموم الشفاعة يوم الوعيد  ،  ونعوذ به من الجور وفتنة الأمل البعيد  ،  ونسأله الفوز يوم يقال فلان شقي وفلان سعيد . 
وكان الفراغ من تأليفه على يد فقير عفو ربه وأسير وصمة ذنبه مؤلفه " محمد بن أحمد بن حمزة " الرملي الأنصاري الشافعي  غفر الله ذنبه  ،  وستر عيبه  ،  ورحم شيبه . 
بتاريخ يوم الجمعة الغراء تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام  ،  أحسن الله بخير تمامها .  [ ص: 446 ] والله أسأل  ،  وبرسوله أتوسل  ،  أن ينفع به كما نفع بأصله  ،  وأن يغفر لمن نظر فيه بعين الإنصاف  ،  ودعا لمؤلفه بأن يدركه ربه جل وعلا بخفي الألطاف  ،  وبأن يمتعه بالنظر إلى وجهه  ،  ويمده بالإسعاف  ،  وحسبنا الله ونعم الوكيل  ،  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					