وكره تحريما بالإجماع كما قاله الماوردي وغيره تنفل من أحد الحاضرين بعد صعود الخطيب على المنبر وجلوسه عليه كما في المجموع وإن لم يسمع الخطبة بالكلية لاشتغاله بصورة عبادة ، ومن ثم فارقت الصلاة الكلام بأن الاشتغال به لا يعد إعراضا عنه بالكلية ، وأيضا فمن شأن المصلي الإعراض عما سوى صلاته بخلاف المتكلم ، وأيضا فقطع الكلام هين متى ابتدأ الخطيب الخطبة ، بخلاف الصلاة فإنه قد يفوته بها سماع أول الخطبة بل لو أمن فوات ذلك كان ممتنعا أيضا خلافا لما في الغرر البهية . وقد يؤخذ من ذلك أن الطواف ليس كالصلاة هنا ، ويمنع من سجدة التلاوة والشكر كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وشمله كلامهم وإن كان كل منهما ليس صلاة وإنما هو ملحق بها ، ويجب على من كان في صلاة تخفيفها عند صعود الخطيب المنبر وجلوسه كما قاله الشيخ نصر ، واعتمده غيره فالإطالة كالإنشاء ، ومتى حرمت الصلاة ، فالأوجه كما في التدريب عدم انعقادها كالصلاة في الأوقات الخمسة المكروهة بل أولى ، بل قضية إطلاقهم ومنعهم من الراتبة مع قياس سببها أنه لو تذكرها فرضا لا يأتي وإن كان وقته مضيقا وأنه لو أتى به لم ينعقد ، وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى .
وتعبير جماعة بالنافلة جرى على الغالب ، ويستثنى التحية لداخل المسجد والخطيب على المنبر فيسن له فعلها [ ص: 322 ] ويخففها وجوبا لخبر مسلم { جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس ، فقال : يا سليك : قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما } هذا إن صلى سنة الجمعة ، وإلا صلاها مخففة وحصلت التحية ، ولا يزيد على ركعتين بكل حال فإن لم تحصل تحية كأن كان في غير مسجد لم يصل شيئا أخذا مما مر . أما الداخل آخر الخطبة ، فإن غلب على ظنه أنه إن صلاها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يجلس في المسجد قبل التحية . قال ابن الرفعة : ولو صلاها في هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد في كلام الخطبة بقدر ما يكملها . قال الشيخ : وما قاله نص عليه في الأم ، والمراد بالتخفيف فيما ذكر الاقتصار على الواجبات ، قاله الزركشي لا الإسراع . قال : ويدل له ما ذكروه أنه إذا ضاق الوقت وأراد الوضوء اقتصر على الواجبات ا هـ . وفيه نظر ، والفرق بينه وبين ما استدل به واضح ، وحينئذ فالأوجه أن المراد به ترك التطويل عرفا ( قلت : [ ص: 323 ] الأصح أن ترتيب الأركان ليس بشرط والله أعلم ) لأن المقصود حاصل بدونه ، ولم يرد نص في اشتراط الترتيب ، وقد نص على ذلك في الأم والمبسوط ، وجزم به أكثر العراقيين بل هو سنة فقط .


