( والأصح منعه لمحرم خاف فوت الحج ) أي لو قصد المحرم عرفات ليلا وبقي من وقت العشاء مقدار إن صلاها فيه على الأرض فاته الوقوف ، وإن سار فيه إلى عرفات فاتته العشاء لم يجز له أن يصلي صلاة شدة الخوف فإنه لم يخف فوت ما هو حاصل بل يروم تحصيل ما ليس بحاصل ، فأشبه خوف فوت العدو عند انهزامهم كما مر .
والثاني له أن يصليها ; لأن الضرر الذي يلحقه بفوات الحج لا ينقص عن ضرر الحبس أياما في حق المديون ، وعلى الأول يؤخر الصلاة وجوبا ويحصل الوقوف كما صوبه المصنف خلافا للرافعي ; لأن قضاء الحج صعب ، وقضاء الصلاة هين ، وقد عهد تأخيرها بما هو أسهل من مشقة الحج كتأخيرها للجمع ، والمراد بتأخيرها تركها بالكلية ولو أمكنه مع التأخير إدراك ركعة جاز قطعها للضرورة كما ذكره الإسنوي وغيره وصرح به القاضي ، وليس للعازم على الإحرام التأخير ، وألحق بعضهم بالمحرم فيما مر المشتغل بإنقاذ غريق ، أو دفع صائل عن نفس ، أو مال ، أو صلاة على ميت خيف انفجاره ولو ضاق وقت الصلاة وهو بأرض مغصوبة أحرم ماشيا كهارب من حريق كما قاله القاضي والجيلي ، وسئل الوالد رحمه الله تعالى عمن وجبت عليه الصلاة والعمرة ولا يمكنه إلا إحداهما بأن نذر أن يعتمر في وقت معين فهل يقدم العمرة عليها ؟ فأجاب بأنه يجب عليه تقديم العمرة عليها كما يقدم وقوف عرفة عليها .


