السادس من الفروض ( ترتيبه )    ( هكذا ) بأن يغسل وجهه مع النية ثم يديه ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه  ،  { لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتوضأ إلا مرتبا   }  ،  ولو لم يجب لتركه في وقت أو دل عليه بيانا للجواز كما في التثليث ونحوه ولما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { ابدءوا بما بدأ الله به   } الشامل للوضوء وإن ورد في الحج إذ العبرة بعموم اللفظ وهو عام  ،  ولأنه تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات  ،  وتفريق المتجانس لا ترتكبه العرب  إلا لفائدة وهي هنا وجوب الترتيب لا ندبه بقرينة الأمر في الخبر  ،  ولأن العرب  إذا ذكرت متعاطفات بدأت بالأقرب فالأقرب  ،  فلما ذكر فيها الوجه ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين دلت على الأمر بالترتيب  ،  وإلا لقال : فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برءوسكم واغسلوا أيديكم وأرجلكم  ،  ولأن الأحاديث المستفيضة الشائعة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم مصرحة به  ،  ولأن الآية بيان للوضوء الواجب  ،  فلو قدم عضوا على محله لم يعتد به  ،  ولو غسل أربعة أعضائه معا ولو بغير إذنه ارتفع حدث وجهه فقط حيث نوى معه لأن المعية تنافي الترتيب  ،  وإنما صحت حجة  [ ص: 176 ] الإسلام وغيرها عن واحد في عام لأن الشرط أن لا يتقدم عليها غيرها . 
( فلو )   ( اغتسل محدث ) حدثا أصغر فقط بنية رفع الحدث أو نحوه ولو متعمدا  ،  أو بنية رفع الجنابة أو نحوها غالطا ورتب فيهما  أجزأه أو انغمس بنية ما ذكر ( فالأصح أنه إن أمكن تقدير ترتيب بأن غطس ومكث ) قدر الترتيب ( صح ) له الوضوء لأن الترتيب حاصل في الحالة المذكورة  ،  فإنه إذا لاقى الماء وجهه وقد نوى يرتفع الحدث عن وجهه وبعده عن اليدين لدخول وقت غسلهما وهكذا إلى آخر الأعضاء  ،  والثاني لا يصح إذ الترتيب فيه أمر تقديري غير تحقيقي  ،  ولهذا لا يقوم في النجاسة المغلظة الغمس في الماء الكثير مقام العدد ( وإلا ) وأي إن لم يكن تقدير ترتيب بأن خرج حالا أو غسل أسافله قبل أعاليه كما ذكره في المحرر ( فلا ) يجزئه لأن الترتيب من واجبات الوضوء  ،  والواجب لا يسقط بفعل ما ليس كذلك ( قلت    : الأصح الصحة بلا مكث  ،  والله أعلم ) لأن الترتيب يحصل في لحظات لطيفة وهذا هو المعول عليه في التعليل  ،  ومن علله كالشارح  بأن الغسل يكفي للحدث الأكبر فللأصغر أولى رد بأنه ينتقض بغسل الأسافل قبل الأعالي  ،  لأنه لو اغتسل منكسا بالصب عليه حصل له الوجه فقط  ،  أما انغماسه فيجزئه مطلقا  ،  ولو أغفل من اغتسل لمعة من غير أعضاء الوضوء أجزأه ذلك خلافا للقاضي . 
وقول الروياني    : إن نية الوضوء بغسله : أي ورفع الحدث الأصغر لا يجزئه إذا لم يمكنه الترتيب حقيقة مبني على طريقة الرافعي    . 
وبحث  ابن الصلاح  عدم  [ ص: 177 ] الإجزاء عند نية ذلك وإن أمكن  ،  لأنه لم يقم الغسل مقام الوضوء ضعيف . وما علل به ممنوع  ،  واكتفى بنية الجنابة ونحوها مع كون المنوي طهرا غير مرتب لأن النية لا تتعلق بخصوص الترتيب نفيا وإثباتا  ،  ولو اجتمع عليه أصغر وأكبر كفاه الغسل لهما كما سيأتي في كلامه ولو بلا ترتيب لاندراج الأصغر وإن لم ينوه  ،  ولو غسل جنب بدنه إلا رجليه مثلا ثم أحدث غسلهما للجنابة ثم غسل باقي الأعضاء مرتبة للأصغر  ،  وله تقديم غسل الرجلين على غسل الثلاث وتأخيره وتوسيطه  ،  وهو وضوء خال عن غسل عضو مكشوف بلا ضرورة  ،  ولو اغتسل إلا أعضاء وضوئه لم يجب عليه ترتيبها لاجتماع الحدثين عليها فيندرج الأصغر في الأكبر  ،  ولو شك في تطهير عضو قبل الفراغ  طهره وما بعده أو بعد الفراغ لم يؤثر . 
ثم لما أنهى الكلام على أركانه شرع يتكلم على بعض سننه 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					