ولو ترك الطهارة لها  قتل كما جزم به الشيخ  أبو حامد    ; لأنه ترك لها  ،  ويقاس بها الأركان وسائر الشروط . نعم محله في المتفق عليه  ،  أو كان فيه خلاف واه بخلاف القوي  ،  ففي فتاوى القفال    : لو ترك فاقد الطهورين الصلاة متعمدا  ،  أو مس شافعي الذكر  ،  أو لمس المرأة أو توضأ ولم ينو وصلى متعمدا  لا يقتل ; لأن جواز صلاته مختلف فيه  ،  وقيده بعضهم بحثا بما إذا قلد القائل بذلك وإلا فلا قائل حينئذ بجواز صلاته . قال : فالذي يتجه قتله ; لأنه تارك لها عند إمامه وغيره فعلم أن ترك التيمم كترك الوضوء إن وجب إجماعا  ،  أو مع خلاف  ،  ولم يقلد القائل بعدم وجوبه ا هـ . 
والأوجه الأخذ بالإطلاق  ،  ولا يقاس بترك الصلاة ترك الصوم والزكاة    ; لأن الشخص إذا علم أنه يحبس طول النهار نواه فأجدى الحبس فيه ; ولأن الزكاة يمكن للإمام أخذها بالمقاتلة ممن امتنعوا منها وقاتلونا  ،  فكانت المقاتلة الواردة فيها على حقيقتها  ،  بخلافها في الصلاة فإنه لا يمكن فعلها بالمقاتلة فكانت فيها بمعنى القتل فوضح الفرق بينهما وبينه ا هـ . 
فالأوجه الأخذ بالإطلاق ( والصحيح قتله ) حتما ( بصلاة فقط ) عملا بظاهر الحديث ( بشرط إخراجها عن وقت الضرورة ) فيما له وقت ضرورة بأن تجمع مع الثانية في وقتها . فلا يقتل بترك الظهر حتى تغرب الشمس ولا بترك المغرب حتى يطلع الفجر  ،  ويقتل في الصبح بطلوع الشمس وفي العصر بغروبها وفي العشاء بطلوع الفجر  ،  فيطالب بأدائها إن ضاق وقتها ويتوعد بالقتل إن أخرجها عن الوقت  ،  والأوجه أن المطالب والمتوعد هو الإمام  ،  أو نائبه فلا يفيد طلب غيره وتوعده ترتب القتل الآتي ; لأنه من منصبه  ،  وما قيل من أنه لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي كترك الصوم والزكاة والحج ولخبر { لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني  ،  والنفس بالنفس  ،  والتارك لدينه المفارق للجماعة  }  [ ص: 430 ] ولأنه لا يقتل بترك القضاء مردود بأن القياس متروك بالنصوص والخبر عام مخصوص بما ذكر وقتله خارج الوقت إنما هو للترك بلا عذر  ،  على أنا نمنع أنه لا يقتل لترك القضاء مطلقا  ،  إذ محل ذلك ما لم يؤمر بها في الوقت ويهدد عليها  ،  ولم يقل أفعلها . 
واعلم أن الوقت عند الرافعي  وقتان : أحدهما وقت أمر  ،  والآخر وقت قتل . فوقت الأمر هو إذا ضاق وقت الصلاة عن فعلها يجب علينا أن نأمر التارك فنقول له صل  ،  فإن صليت تركناك  ،  وإن أخرجتها عن الوقت قتلناك  ،  وفي وقت الأمر وجهان : أصحهما  ،  إذا بقي من الوقت زمن يسع مقدار الفريضة والطهارة  ،  والثاني إذا بقي زمن يسع ركعة وطهارة كاملة  ،  ويقتل بترك الجمعة  أيضا وإن قال أصليها ظهرا كما في زيادة الروضة عن الشاشي  ،  واختاره  ابن الصلاح  ،  وقال في التحقيق : إنه الأقوى لتركها بلا قضاء ; لأن الظهر ليس قضاء عنها  ،  ومحله حيث كان ممن تلزمه إجماعا  ،  وأفتى الشيخ  بأنه يقتل بها حيث أمر بها وامتنع منها  ،  أو قال أصليها ظهرا عند ضيق الوقت عن خطبتين وإن لم يخرج وقت الظهر : أي عن أقل ممكن من الخطبة والصلاة  ،  لأن وقت العصر ليس وقتا لها في حالة بخلاف الظهر . لا يقال : ينبغي قتله عقب سلام الإمام منها ; لأنا نقول : شبهة احتمال تبين فسادها وإعادتها فيدركها أوجبت التأخير لليأس منها بكل تقدير وهو ما مر  ،  ومقابل الصحيح أوجه : أحدها يقتل إذا ضاق وقت الثانية لأن الواحدة يحتمل تركها لشبهة الجمع ثانيها إذا ضاق وقت الرابعة لأن الثلاث أقل الجمع فاغتفرت . 
ثالثها إذا ترك أربع صلوات  ،  قال ابن الرفعة    : لأنه يجوز أن يكون قد استند إلى تأويل من ترك النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق  أربع صلوات  ،  رابعها إذا صار الترك له عادة  ،  خامسها لا يعتبر وقت الضرورة وهذا هو معنى كلام الشارح  في حكاية مقابل الصحيح ( ويستتاب ) من ترك ذلك ندبا كما صححه في التحقيق خلافا لما اقتضاه كلام الروضة وأصلها من وجوبها كالمرتد  ،  وعلى الأول فالفرق بينهما كما أفاده الإسنوي  أن الردة تخلد في النار فوجب إنقاذه منها  ،  بخلاف ترك الصلاة  ،  بل مقتضى ما قاله المصنف  في فتاويه من أن الحدود تسقط الإثم أنه لا يبقى عليه شيء بالكلية ; لأنه قد حد على هذه الجريمة والمستقبل لم يخاطب به . نعم إن كان في عزمه أنه إن عاش لم يصل أيضا ما بعدها فهو أمر آخر ليس مما نحن فيه . 
واستشكل الإسنوي   [ ص: 431 ] ما تقرر بأنه يقتل حدا على التأخير عن الوقت والحدود لا تسقط بالتوبة  ،  وأجيب بأن الحد هنا ليس هو على معصية سابقة وإنما هو حمل له على فعل ما ترك كما قاله الأذرعي  وغيره  ،  أو بأنه على تأخير الصلاة عمدا مع تركها  ،  فالعلة مركبة فإذا صلى زالت العلة  ،  وقال الريمي  في التفقيه والفرق أن التوبة هنا تفيد تدارك الفائت  ،  بخلاف التوبة عن الزنا وشبهه فإن التوبة لا تفيد تدارك ما مضى من الجريمة بل تفيد الامتناع عنها في المستقبل  ،  بخلاف توبته هنا فإنها بفعل الصلاة وذلك يحقق المراد في الماضي . 
وقال الزركشي    : تارك الصلاة يسقط حده بالتوبة وهو العود لفعل الصلاة كالمرتد بل هو أولى بذلك منه  ،  وغلط بعضهم فقال : كيف تنفع التوبة ; لأنه كمن سرق نصابا  ،  ثم رده لا يسقط القطع  ،  وهذا كلام من ظن أن التوبة لا تسقط الحدود مطلقا وليس كذلك لما ذكرناه ا هـ . 
وتوبته على الفور ; لأن الإمهال يؤدي إلى تأخير صلوات  ،  وقيل يمهل ثلاثة أيام وهما في الندب  ،  وقيل في الوجوب  ،  ولو قتله في مدة الاستتابة  ،  أو قبلها إنسان ليس مثله أثم ولا ضمان عليه كقاتل المرتد  ،  ولو جن  ،  أو سكر قبل فعل الصلاة لم يقتل  ،  فإن قتل وجب القود  ،  بخلاف نظيره في المرتد لا قود على قاتله لقيام الكفر  ،  ذكره في المجموع  ،  وهو محمول على ما إذا لم يكن قد توجه عليه القتل وعاند بالترك كما قاله الأذرعي  ،  أما تارك المنذورة المؤقتة فلا يقتل بها ; لأنه الذي أوجبها على نفسه . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					