. كتاب الجنائز جمع جنازة بالفتح والكسر اسم للميت في النعش وقيل بالفتح اسم لذلك وبالكسر اسم للنعش وهو عليه الميت وقيل عكسه  ،  وقيل لغتان فيهما  ،  فإن لم يكن عليه الميت فهو سرير ونعش  ،  وعلى ما تقرر لو قال أصلي على الجنازة بكسر الجيم  [ ص: 433 ] صحت إن لم يرد بها النعش  ،  وهي من جنزه إذا ستره ذكره ابن فارس  وغيره  ،  وقال الأزهري    : لا يسمى جنازة حتى يشد الميت عليه مكفنا  ،  ويشتمل هذا الكتاب على مقدمات ومقاصد  ،  وبدأ بالأول فقال   ( ليكثر ) ندبا كل مكلف صحيحا كان  ،  أو مريضا ( ذكر الموت ) بقلبه ولسانه  بأن يجعله نصب عينيه ; لأنه أزجر عن المعصية وأدعى للطاعة وصح { أكثروا من ذكر هاذم اللذات   } يعني الموت زاد  النسائي    { فإنه ما ذكر في كثير أي من الدنيا والأمل فيها إلا قلله  ،  ولا قليل : أي من العمل إلا كثره   }  ،  وهاذم بالمعجمة معناه قاطع . 
وأما بالمهملة فهو المزيل للشيء من أصله  ،  وفي المجموع : يستحب الإكثار من ذكر حديث { استحيوا من الله حق الحياء وتمامه  ،  قالوا : إنا نستحيي من الله والحمد لله  ،  قال : ليس كذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى  ،  وليحفظ البطن وما حوى  ،  وليذكر الموت والبلى  ،  ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا  ،  ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء   } والموت : مفارقة الروح الجسد  ،  والروح جسم لطيف مشتبك بالبدن اشتباك الماء بالعود الأخضر وهو باق لا يفنى  ،  وأما قوله تعالى { الله يتوفى الأنفس حين موتها    } ففيه تقدير وهو عند موت أجسادها ( ويستعد ) له ( بالتوبة ) وهي كما يأتي في الشهادات إن شاء الله تعالى ترك الذنب والندم  [ ص: 434 ] عليه وتصميمه على أن لا يعود إليه  ،  وخروج عن مظلمة قدر عليها بنحو تحلله ممن اغتابه  ،  أو سبه ( ورد المظالم ) إلى أهلها بمعنى الخروج منها سواء أكان وجوبه عليه موسعا  ،  أو مضيقا كأداء دين وقضاء فوائت وغيرهما  ،  ومعنى الاستعداد لذلك المبادرة إليه لئلا يفجأه الموت المفوت له  ،  وظاهر كلامه ندب ذلك بدليل ما بعده  ،  وهو ما صرح به ابن المقري  في تمشيته كالقمولي  ،  وينبغي حمله على ما إذا لم يعلم أن ما عليه مقتض للتوبة فحينئذ يندب له تجديدها  [ ص: 435 ] اعتناء بشأنها . 
أما إذا علم أن عليه مقتضيا لها فهي واجبة فورا بالإجماع  ،  وعلى هذا يحمل قول جمع وجوبا  ،  وعلى مقابله يحمل قول آخرين ندبا  ،  وصرح برد المظالم مع دخوله في التوبة لما مر في الاستسقاء ; ولأنه ليس جزءا من كل توبة بخلاف الثلاثة قبله ( والمريض آكد ) أي أشد طلبا لأنه إلى الموت أقرب  ،  ويسن له الصبر على المرض : أي ترك التضجر منه  ،  ويكره كثرة الشكوى  ،  نعم إن سأله نحو طبيب أو قريب أو صديق عن حاله فأخبره بما هو فيه من الشدة لا على صورة الجزع فلا بأس  ،  ولا يكره الأنين  كما في المجموع  ،  لكن اشتغاله بنحو التسبيح أولى منه فهو خلاف الأولى  ،  ويسن أن يتعهد نفسه بتلاوة القرآن والذكر وحكايات الصالحين وأحوالهم عند الموت  ،  وأن يوصي أهله بالصبر عليه وترك النوح ونحوه مما اعتيد في الجنائز  وغيرها  ،  وأن يحسن خلقه وأن يجتنب المنازعة في أمور الدنيا وأن يسترضي من له به علقة كخدم وزوجة وولد وجار ومعامل وصديق  ،  وأن يعاد مريض ولو بنحو رمد وفي أول يوم مرضه  ،  وخبر : { إنما يعاد بعد ثلاثة   } موضوع  ،  وإن أخذ به الغزالي  مسلم ولو عدوا ومن لا يعرفه . 
وكذا ذمي قريب  ،  أو جار ونحوهما ومن رجي إسلامه  ،  فإن انتفى ذلك جازت عيادته  ،  وتكره عيادة تشق على المريض  ،  وألحق  الأذرعي  بحثا بالذمي المعاهد والمستأمن إذا كان بدارنا ونظر في عيادة أهل البدع المنكرة وأهل الفجور والمكس  إذا لم يكن له قرابة ولا جوار ولا رجاء توبة ; لأنا مأمورون بمهاجرتهم  ،  وأن تكون العيادة غبا فلا يواصلها كل يوم إلا أن يكون مغلوبا عليه  ،  نعم نحو القريب والصديق ممن يستأنس به المريض أو يتبرك به  ،  أو يشق عليه عدم رؤيته كل يوم تسن لهم المواصلة ما لم يفهموا  ،  أو يعلموا كراهة ذلك  ،  ذكره في المجموع  ،  وأن يخفف المكث عنده بل تكره إطالته ما لم يفهم عنه الرغبة فيها  ،  وأن يدعو له بالشفاء إن طمع في حياته ولو على بعد وأن يكون دعاؤه : { أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك بشفائه سبع مرات   }  ،  وأن يطيب نفسه بمرضه  ،  فإن خاف عليه الموت رغبه في التوبة والوصية  [ ص: 436 ] وأن يطلب الدعاء منه وأن يعظه ويذكره  بعد عافيته بما عاهد الله عليه من خير  ،  وأن يوصي أهله وخادمه بالرفق به والصبر عليه ومثله من قرب موته في حد ونحوه . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					