ثم شرع في كيفية حمل الميت  وليس في حمله دناءة ولا سقوط مروءة  ،  بل هو بر وإكرام للميت فقد فعله بعض الصحابة والتابعين فقال ( وحمل الجنازة بين العمودين أفضل من التربيع في الأصح ) " لحمل  سعد بن أبي وقاص   عبد الرحمن بن عوف  ،  وحمل النبي صلى الله عليه وسلم  سعد بن معاذ    " رواهما  الشافعي  في الأم  ،  الأول بسند صحيح  ،  والثاني بسند ضعيف . 
ومقابل الأصح التربيع أفضل لأنه أصون للميت  ،  بل حكي وجوبه لأن ما دونه إزراء بالميت  ،  هذا إن أراد الاقتصار على أحدهما  ،  والأفضل الجمع بينهما بأن يحمل تارة بهيئة الحمل بين العمودين وتارة بهيئة التربيع  ،  ثم بين حملها بين العمودين بقوله ( وهو ) أي الحمل بينهما ( أن يضع الخشبتين المقدمتين ) أي العمودين ( على عاتقه ) وهو ما بين المنكبين والعنق وهو مذكر وقيل مؤنث ( ورأسه بينهما ويحمل ) الخشبتين ( المؤخرتين رجلان ) أحدهما من الجانب الأيمن والآخر من الأيسر  ،  وإنما تأخر اثنان ولم يعكس ; لأن الواحد لو توسطهما كان وجهه للميت فلا ينظر إلى ما بين قدميه  ،  وإن وضع الميت على رأسه خرج عن حمله بين العمودين وأدى إلى ارتفاع مؤخرة النعش وتنكس الميت على رأسه  ،  فلو عجز عن الحمل أعانه اثنان بالعمودين ويأخذ اثنان بالمؤخرتين في حال العجز وعدمه  ،  فحاملوه عند فقد العجز ثلاثة ومع وجوده خمسة  ،  فإن عجزوا فسبعة أو أكثر بحسب الحاجة كما هو قضية كلامهم . 
ثم بين حملها على هيئة التربيع فقال ( والتربيع أن يتقدم رجلان ) يضع أحدهما العمود الأيمن على عاتقه الأيسر والآخر عكسه ( ويتأخر آخران ) يحملان كذلك فيكون الحاملون  [ ص: 466 ] أربعة ولهذا سميت هده الكيفية بالتربيع  ،  فإن عجز الأربعة عنها حملها ستة أو ثمانية  ،  وما زاد على الأربعة يحمل من جوانب السرير أو يزاد أعمدة معترضة تحت الجنازة كما فعل  بعبيد الله بن عمر  لبدانته . 
وأما الصغير  ،  فإن حمله واحد جاز لعدم الإزراء فيه  ،  ومن أراد التبرك بحملها بهيئة الحمل بين العمودين بدأ بحمل المقدم على كتفه ثم بالعمود الأيسر المؤخر  ،  ثم يتقدم بين يديها فيأخذ الأيمن المؤخر أو يحملها بالهيئتين أتى فيما يظهر بما أتى به في الأولى ويحمل المقدم على كتفه مقدما أو مؤخرا كما بحثه السبكي  ،  لكنه جعل حمل المقدم على كتفه مؤخرا وليس بقيد بل . 
 [ ص: 467 ] الأولى تقديمه   ( و ) يسن ( المشي ) للمشيع لها  ويكره له الركوب في ذهابه معها " ; لأنه { صلى الله عليه وسلم رأى ناسا ركابا في جنازة فقال : ألا تستحيون  ،  إن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب   } هذا إن لم يكن له عذر  ،  فإن كان به كمرض فلا  ،  ولا كراهة في الركوب في العود كما سيأتي : . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					