[ ص: 468 ] فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 
وهي من خصائص هذه الأمة كالإيصاء بالثلث كما قاله الفاكهاني  المالكي في شرح الرسالة  ،  ولا ينافيه ما ورد من تغسيل الملائكة آدم  عليه الصلاة والسلام عليه وقولهم يا بني آدم  هذه سنتكم في موتاكم  ،  لجواز حمل الأول على أن الخصوصية بالنظر لهذه الكيفية والثاني على أصل الفعل   ( لصلاته أركان ) سبعة    ( أحدها النية ) كبقية الصلوات وتقدم الكلام عليها في صفة الصلاة ( ووقتها ) هنا ( كغيرها ) أي كوقت نية غيرها من الصلوات في وجوب قرن النية بتكبيرة الإحرام ( وتكفي ) فيها ( نية ) مطلق ( الفرض ) وإن لم يقل كفاية كما تكفي نية الفرض في إحدى الخمس وإن لم يقيدها بالعين  ،  وعلم من كلامه تعين نية الفرضية كما في الصلوات الخمس ولو في صلاة امرأة مع رجال  ،  ولا تشترط الإضافة إلى الله تعالى أخذا مما مر . 
نعم تسن وقياسه ندب قوله مستقبلا  ،   [ ص: 469 ] ولا يتصور هنا نية أداء وضده قيل ولا نية عدد وقد يقال ما المانع من ندب نية عدد التكبيرات لما يأتي أنها بمثابة الركعات ( وقيل تشترط نية فرض كفاية ) تعرضا لكمال وصفها   ( ولا يجب تعيين الميت ) الحاضر  ولا معرفته كما في المحرر  ،  بل يكفي قصد من صلى عليه الإمام اكتفاء بنوع تمييز  ،  أما لو صلى على غائب فلا بد من تعيينه بقلبه كما قاله ابن عجيل  وإسماعيل الحضرمي  ،  وعزي إلى البسيط ووجهه الأصبحي  بأنه لا بد في كل يوم من الموت في أقطار الأرض وهم غائبون فلا بد من تعيين الذي يصلى عليه منهم . 
نعم لو صلى إمام على غائب فنوى الصلاة على من صلى عليه الإمام كفى كالحاضر ( فإن )   ( عين ) الميت الحاضر أو الغائب كأن صلى على زيد أو على الكبير أو الذكر من أولاده ( وأخطأ ) فبان عمرا أو الصغير أو الأنثى    ( بطلت ) أي لم تنعقد صلاته هذا إن لم يشر  ،  فإن أشار إليه صحت كما مر نظيره تغليبا للإشارة ( وإن حضر موتى نواهم ) أو نوى الصلاة عليهم وإن لم يعرف عددهم . 
قال الروياني    : فلو صلى على بعضهم ولم يعينه ثم صلى على الباقي كذلك لم تصح . 
قال : ولو اعتقد أنهم عشرة فبانوا أحد عشر أعاد الصلاة على الجميع ; لأن فيهم من لم يصل عليه وهو غير معين . 
قال : وإن اعتقد أنهم أحد عشر فبانوا عشرة  [ ص: 470 ] فالأظهر الصحة . 
قال : ولو صلى على حي وميت صحت على الميت إن جهل الحال وإلا فلا كمن صلى الظهر قبل الزوال  ،  أو على ميتين ثم نوى قطعها عن أحدهما بطلت ولو أحرم الإمام بالصلاة على جنازة ثم حضرت أخرى وهم في الصلاة تركت حتى يفرغ ثم يصلي على الثانية ; لأنه لم ينوها أولا  ،  قاله في المجموع . 
ويجب على المأموم نية الاقتداء أو الجماعة الإمام كما مر في صفة الأئمة  ،  ولا يقدح اختلاف نيتهما كما سيأتي ( الثاني ) من الأركان ( أربع تكبيرات ) لما رواه الشيخان عن  ابن عباس    { أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد ما دفن فكبر عليه أربعا   } ( فإن خمس ) ولو عمدا ( لم تبطل ) صلاته ( في الأصح ) للاتباع رواه  مسلم    ; ولأنها لا تخل بالصلاة  ،  ولو نوى بتكبيره الركنية خلافا لجمع متأخرين  ،  ومقتضى العلة وكلام جمع منهم الروياني  عدم البطلان بما زاد على الخمس  [ ص: 471 ] أيضا وهو كذلك  ،  لكن الأربع أولى لتقرر الأمر عليها من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه  ،  وتشبيه التكبيرة بالركعة فيما يأتي محله بقرينة المقام في المتابعة حفظا على تأكدها . 
نعم لو زاد على الأربع عمدا معتقدا البطلان بطلت كما ذكره الأذرعي  ،  فإن كان ساهيا أو جاهلا لم تبطل جزما ولا مدخل لسجود السهو فيها  ،  ومقابل الأصح تبطل كزيادة ركعة أو ركن في سائر الصلوات ( ولو خمس ) أي كبر ( إمامه ) في صلاته خمس تكبيرات وقلنا لا تبطل ( لم يتابعه ) المأموم ( في الأصح ) أي لا تسن له متابعته في الزائد لعدم سنه للإمام ( بل يسلم أو ينتظره ليسلم معه ) وهو أفضل لتأكد المتابعة ومقابل الأصح يتابعه  ،  وإن قلنا بالبطلان فارقه  ،  وما قررت به كلامه من عدم سنية المتابعة وأنها لا تبطل بمتابعته هو المعتمد  ،  والقول بخلافه ممنوع ( الثالث ) من الأركان ( السلام ) بعد تمام تكبيراتها وقدمه ذكرا مع تأخره رتبة اقتفاء بالأصحاب في تقديمهم ما يقل عليه الكلام تقريبا على الأفهام وهو فيها ( كغيرها )  [ ص: 472 ] أي كسلام غيرها من الصلوات في كيفيته وتعدده  ،  ويؤخذ منه عدم استحباب زيادة : وبركاته  ،  وهو كذلك خلافا لمن استحبها  ،  وأنه يلتفت في السلام ولا يقتصر على تسليمة واحدة يجعلها تلقاء وجهه  ،  وإن قال في المجموع إنه الأشهر . 
( الرابع ) من الأركان ( قراءة الفاتحة ) فبدلها فالوقوف بقدرها لما مر في مبحثها لخبر  البخاري  أن  ابن عباس  قرأ بها في صلاة الجنازة وقال لتعلموا أنها سنة  ،  وفي رواية : قرأ بأم القرآن فجهر بها وقال : إنما جهرت لتعلموا أنها سنة . 
ولعموم خبر { لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب   } ( بعد ) التكبيرة ( الأولى ) لخبر  أبي أمامة الأنصاري    { السنة في صلاة الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة   } ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الأخيرة ( قلت    : تجزئ الفاتحة بعد غير الأولى ) من الثانية والثالثة والرابعة  ،  وقول الروضة وأصلها بعدها أو بعد الثانية خرج  [ ص: 473 ] مخرج المثال فلا يخالف ما هنا خلافا لمن فهم تخالفهما ( والله أعلم ) وهذا ما جزم به في المجموع ونقل عن النص وهو المعتمد وإن صحح المصنف  في تبيانه تبعا لظاهر كلام الغزالي  الأول  ،  وشمل ذلك المنفرد والإمام والمأموم  ،  وإن قال ابن العماد  إن محله في غير المأموم  ،  أما المأموم الموافق فتجب عليه موافقة الإمام فيما يأتي به ; لأن كل تكبيرة كركعة  ،  ويترتب على ما جرى عليه المصنف  هنا لزوم خلو الأولى عن ذكر  ،  والجمع بين ركنين في تكبيرة واحدة وترك الترتيب  ،  ولا يجوز له قراءة بعض الفاتحة في تكبيرة وباقيها في أخرى لعدم وروده ( الخامس ) من الأركان ( الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لما رواه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 474 ] أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة من السنة ( بعد ) التكبيرة ( الثانية ) لفعل السلف والخلف ولقوله عليه الصلاة والسلام { لا صلاة لمن لم يصل علي فيها   } ولأنه أرجى لإجابة الدعاء ( والصحيح أن الصلاة على الآل لا تجب ) فيها كغيرها وأولى لبنائها على التخفيف لكنها تستحب كالدعاء للمؤمنين والمؤمنات عقبها  ،  والحمد لله قبل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم  ،  ولا يجب ترتيب بين الصلاتين والدعاء والحمد لكنه أولى كما في زيادة الروضة  ،  وما ذكر من تعينها بعد الثانية هو المعتمد  ،  وليس مبنيا على تعين الفاتحة قبلها خلافا للشارح  ومقابل الصحيح أنها تجب وهو الخلاف المار في التشهد الآخر ( السادس ) من الأركان ( الدعاء للميت ) بخصوصه نحو اللهم ارحمه أو اللهم اغفر له ; لخبر { إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء   } ; ولأنه المقصود الأعظم من الصلاة فلا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات  ،  ويكون ( بعد ) التكبيرة ( الثالثة ) وقضية إطلاقه كغيره وجوبه لغير المكلف  ،  ومن بلغ مجنونا ودام إلى موته وهو الأوجه إذ الجاري على الصلاة التعبد خلافا للأذرعي  ،  وعلم مما تقرر وجوب الدعاء بعد التكبيرة الثالثة وقبل الرابعة  ،  ولا يجزئ في غيرها بلا خلاف  ،  قال في المجموع : وليس لتخصيص ذلك إلا مجرد الاتباع ا هـ . 
( السابع ) من الأركان ( القيام على المذهب إن قدر ) عليه كغيرها من الفرائض  [ ص: 475 ] وإلحاقها بالنفل في التيمم لا يلزم منه ذلك هنا ; لأن القيام هو المقوم لصورتها ففي عدمه محو لصورتها بالكلية  ،  وشمل ذلك الصبي والمرأة إذا صليا مع الرجال  ،  وهو الأوجه خلافا للناشري  ،  فإن عجز صلى على حسب حاله . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					