فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن ( للطواف بأنواعه ) من قدوم وركن ووداع وما يتحلل به في الفوات والطواف نذر وتطوع ( واجبات ) لا يصح إلا بها سواء أكانت شروطا أم أركانا ( وسنن ) يصح بدونها ( أما ) ( الواجب ) في الطواف فثمانية : أحدها ما ذكره بقوله ( فيشترط ) له ( ستر العورة ) كما في الصلاة عند القدرة فإن عجز عنه طاف عاريا وأجزأه كما لو صلى كذلك ( و ) ثانيها ( طهارة الحدث والنجس ) في بدنه وثوبه ومطافه كما في الصلاة لخبر { الطواف بالبيت صلاة } للاتباع رواه الشيخان مع خبر { خذوا عني مناسككم } وروى { أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت وهي محرمة : اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي } فلو طاف محدثا أو عليه نجاسة غير معفو عنها لم يصح طوافه .
قال في المجموع وزرق الطيور وغلبتها مما عمت به البلوى في المطاف . وقد اختار جماعة من أصحابنا المتأخرين المحققين العفو عنها ، وينبغي أن يقال : يعفى عما يشق الاحتراز عنه من ذلك : أي بشرط أن لا تكون رطبة ولا يعتمد المشي عليها كما مر ، وقد عد ابن عبد السلام من البدع غسل بعض الناس المطاف .
ويصح طواف النائم الممكن مقعده بمقره ويعتمد في العدد على يقينه إذا استيقظ قبل تكميل طوفته أو أخبره به جمع متواتر كما مر نظيره في الصلاة ، وبحث الإسنوي أن القياس منع المتيمم والمتنجس العاجز عن الماء من طواف الركن لوجوب الإعادة فلا فائدة في فعله ; ولأن وقته ليس محدودا كالصلاة ، وقطع في طواف النفل والوداع بأن له فعلهما مع ذلك .
وحاصله أن الأوجه الذي يصرح به كلام الإمام وغيره أن له فعل طواف الركن بالتيمم لفقد ماء أو لجرح عليه جبيرة في أعضاء التيمم ونحو ذلك مما تجب معه الإعادة حيث لم يرج البرء أو الماء قبل تمكنه من فعله على وجه مجزئ عن الإعادة لشدة المشقة في بقائه محرما مع عوده إلى وطنه ، وتجب إعادته إذا تمكن [ ص: 279 ] بأن عاد إلى مكة لزوال الضرورة حينئذ ; لأنه وإن كان حلالا بالنسبة لإباحة المحظورات له قبل العود للضرورة إلا أنه محرم بالنسبة لبقاء الطواف في ذمته ويؤخذ من ذلك أنه يعيد بعد تمكنه الطواف فقط من غير إحرام ولم أر تصريحا بذلك ، وما قاله في طواف النفل صحيح .
أما طواف الوداع فالأقرب فيه جوازه به أيضا نعم يمتنعان على فاقد الطهورين كطواف الركن كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لوجوب الإعادة عليه مع الندرة فلا فائدة في فعله ، وإنما فعل الصلاة المكتوبة كذلك لحرمة وقتها ، والطواف لا آخر لوقته .


