فصل في التصرية المشار إليها فيما مر بالتغرير الفعلي وقد صرح بحكمها  فقال : ( التصرية ) وهي أن يترك البائع حلب الحيوان عمدا مدة قبل بيعه حتى يجتمع اللبن فيتخيل المشتري غزارة لبنه فيزيد في الثمن ( حرام )  [ ص: 71 ] للتدليس ولا فرق في الحرمة بين مريد البيع وغيره ومن قيد بالأول أراد به ما إذا انتفى معه ضرر الحيوان . 
والأصل في ذلك خبر الصحيحين { لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك أي النهي فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن  ،  رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر   }  ،  وقيس بالإبل والغنم غيرهما بجامع التدليس  ،  وتصروا بوزن تزكوا من صرى الماء في الحوض جمعه  ،  ومنهم من يرويه بفتح التاء وضم الصاد وتسمى محفلة أيضا ( تثبت )   ( الخيار ) للمشتري  كما مر في الخبر حيث كان جاهلا  [ ص: 72 ] بحالها ثم علم بها بعد ذلك وهو ( على الفور ) كخيار العيب . 
نعم لو در اللبن على الحد الذي أشعرت به التصرية  فلا خيار كما هو الأوجه  ،  ولهذا قال  أبو حامد    : لا وجه للخيار هنا  ،  وإن نازعه الأذرعي  هنا لأن ما كان على خلاف الجبلة لا وثوق بدوامه  ،  وشمل كلامه ما لو تصرت بنفسها أو النسيان أو شغل وهو كذلك كما صححه البغوي  وقطع به القاضي  ،  وقال الأذرعي    : إنه الأصح وهو مقتضى كلام الماوردي  والعراقيين   والشافعي  في الأم  ،  وصححه صاحب الإفصاح والمفتاح للحاوي وجزم به الدميري  وصححه السبكي  لحصول الضرر  ،  ويؤيده أن الخيار بالعيب لا فرق فيه بين علم البائع به وعدمه  ،  فاندفع ترجيح الحاوي كالغزالي  مقابله لانتفاء التدليس ( وقيل يمتد ) الخيار ( ثلاثة أيام ) من العقد كما صرح به في الخبر ومن ثم صححه كثيرون واختاره جمع متأخرون . 
وأجاب الأكثرون بحمل الخبر على الغالب من أن التصرية لا تظهر فيما دون الثلاث لاحتمال إحالة النقص على اختلاف العلف أو المأوى مثلا 
     	
		
				
						
						
