( ويجوز أن ) ( يستعير شيئا ليرهنه ) بدينه بالإجماع وإن كانت العارية ضمنا كما لو قال لغيره : ارهن عبدك على ديني ففعل فإنه [ ص: 245 ] كما لو قبضه ورهنه لأن الرهن توثق وهو يحصل بما لا يملكه بدليل الإشهاد والكفالة ، بخلاف بيع ملك غيره لنفسه لا يصح لأن البيع معاوضة فلا يملك الثمن من لا يملك المثمن ، وشمل كلامهم الدراهم والدنانير فتصح إعارتها لذلك وهو المتجه كما قاله الإسنوي ، وألحق بذلك ما لو أعارهما وصرح بالتزيين بهما أو للضرب على صورتهما وإن لم تصح إعارتهما في غير ذلك ( وهو ) أي عقد العارية بعد الرهن لا قبله خلافا لما توهمه بعض العبارات ( في قول عارية ) أي باق على حكمها وإن بيع لأنه قبضه بإذنه لينتفع به ( والأظهر أنه ضمان دين ) من المعير ( في رقبة ذلك الشيء ) المرهون لأنه كما يملك أن يلزم ذمته بدين غيره ينبغي أن يملك إلزام ذلك عين ماله لأن كلا منهما محل حقه وتصرفه ، ولأن الانتفاع هنا إنما يحصل بإهلاك العين ببيعها في الدين فهو مناف لوضع العارية فعلم أنه لا تعلق للدين بذمته حتى لو مات لم يحل الدين ولو تلف المرهون لم يلزمه الأداء وإذا ثبت أنه ضمان ( فيشترط ذكر جنس الدين ) كذهب أو فضة ( وقدره ) كعشرة أو مائة ( وصفته ) كصحة وتكسر وحلول وتأجيل لاختلاف الأغراض بذلك كما في الضمان . نعم ذكر القمولي في جواهره أنه لو قال له : ارهن عبدي بما شئت صح أن يرهنه بأكثر من قيمته انتهى . [ ص: 246 ] ويؤيده ما يأتي في العارية من صحة لتنتفع به بما شئت وبه يندفع ما نظر فيه بأنه لا بد من معرفة الدين ( وكذا المرهون عنده ) وكونه واحدا أو متعددا ( في الأصح ) لما مر ، فلو خالف شيئا من ذلك ولو بأن عين له زيدا فرهن من وكيله أو عكسه كما هو الأوجه ، ويؤيده ما يأتي في الوكالة أنه لو وكله ليبيع من زيد فباع من وكيله لم يصح ، أو عين له ولي محجور فرهن منه بعد كماله بطل كما لو عين له قدرا فزاد فإنه يبطل في الجميع لا في الزائد فقط خلافا لبعض المتأخرين لا إن نقص من جنسه ، وكما لو استعاره ليرهنه من واحد فرهنه من اثنين أو عكسه .
والثاني لا يشترط لضعف الغرض فيه ، ولا يشترط شيء مما ذكر على قول العارية ، ولو قال له المالك : ضمنت ما لفلان عليك في رقبة عبدي من غير قبول المضمون له كفى وكان كالإعارة للرهن ( فلو تلف في يد ) الراهن ضمنه لأنه مستعير الآن اتفاقا ، أو في يد ( المرتهن فلا ضمان ) عليهما إذ المرتهن أمين ولم يسقط الحق عن ذمة الراهن ، ولو أعتقه المالك فكإعتاق المرهون فينفذ قبل قبض المرتهن له مطلقا وبعده من الموسر دون المعسر ، ولو أتلفه إنسان أقيم بدله مقامه كما قال الزركشي إنه ظاهر كلامهم .


