( وما قبض ) الحاكم من ثمن المبيع للمفلس    ( قسمه ) على التدريج ندبا ( بين الغرماء ) لتبرأ ذمته منه ويصل إلى مستحقه  ،  فإن طلب الغرماء قسمته وجبت كما يؤخذ من كلام السبكي  الآتي ( إلا أن يعسر لقلته ) وكثرة الديون ( فيؤخر ) الحاكم ذلك ( ليجتمع ) ما تسهل قسمته  ،  فلو طلبها الغرماء لم يجبهم كما بحثاه بعد نقلهما عن النهاية إجابتهم  ،  وبما بحثاه صرح الماوردي  ،  لكن كلام السبكي  يفيد حمل هذا على ما إذا ظهرت مصلحة في التأخير وما قبله على خلافه وله اتجاه ولو اتحد الغريم قسمه أولا فأولا  ،  ويستثنى من القسمة مكاتب عليه دين معاملة ودين جناية ونجوم كتابة ثم حجر عليه فيقدم الأول ثم الثاني ثم الثالث  ،  وللمديون غير المحجور أن يقسم كيف شاء  ،  لكن بحث السبكي  أن الغرماء إذا استووا وطالبوا بحقهم على الفور  وجب التسويق . 
قال الجوجري    : وهو متجه جدا فرارا من الترجيح بلا مرجح ومن إضرار بعضهم بالتأخير أو الحرمان إن ضاق المال  ،  وإذا تأخرت قسمة ما قبضه الحاكم فالأولى أن لا يجعله عنده للتهمة بل يقرضه أمينا موسرا يرتضيه الغرماء غير مماطل ولا يكلف رهنا ; لأنه لا حاجة به إليه وإنما قبله لمصلحة المفلس  ،  وفي تكليفه الرهن سد لها  ،  وبه فارق اعتباره في التصرف في مال نحو الطفل  ،  فإن فقد أودعه ثقة يرضونه  ،  فإن اختلفوا أو عينوا غير ثقة فمن رآه القاضي من العدول  ،  وتلفه عنده من ضمان المفلس ( ولا يكلفون ) أي الغرماء عند  [ ص: 326 ] القسمة ( بينة ) أو إخبار حاكم ( بأن لا غريم غيرهم ) لاشتهار الحجر  ،  فلو كان ثم غريم لظهر  ،  ويخالف نظيره في الميراث ; لأن الورثة أضبط من الغرماء وهذه شهادة على نفي يعسر مدركها  ،  ولا يلزم من اعتبارها في الأضبط اعتبارها في غيره  ،  ولأن وجود غريم آخر لا يمنع الاستحقاق من أصله ولا يتحتم مزاحمته ; إذ لو أعرض أو أبرأ أخذ الآخر الجميع والوارث يخالفه في جميع ذلك ( فلو قسم فظهر غريم    ) يجب إدخاله في القسمة : أي انكشف أمره ( شارك بالحصة ) ولم تنقض القسمة ; لأن المقصود يحصل بذلك  ،  فلو قسم ماله وهو خمسة عشر على غريمين لأحدهما عشرون وللآخر عشرة وأخذ الأول عشرة  ،  والآخر خمسة ثم ظهر غريم له ثلاثون رجع على كل منهما بنصف ما أخذه  ،  فإن أتلف أحدهما مما أخذه وكان معسرا جعل ما أخذه كالمعدوم وشارك من ظهر الآخر وكان ما أخذه كأنه كل المال  ،  فلو كان المتلف أخذ الخمسة استرد الحاكم ممن أخذ العشرة ثلاثة أخماسهما لمن ظهر  ،  ثم إذا أيسر المتلف أخذ منه الآخران نصف ما أخذه وقسماه بينهما على حسب دينهما وقس على ذلك  ،  ولو ظهر الثالث وظهر للمفلس مال قديم أو حادث بعد الحجر  صرف إليه بقسط ما أخذه الأولان والفاضل يقسم على الثلاثة . 
نعم إن كان دينه حادثا فلا مشاركة له في المال القديم  ،  والدين المتقدم سببه كالقديم  ،  فلو أجر دارا وقبض أجرتها وأتلفها ثم انهدمت بعد القسمة  رجع المستأجر على من قسم له بالحصة  ،  ويقسم له على غريم غاب إن عرف قدر حقه  ،  وإلا وجبت مراجعته  ،  فإن تعذرت رجع في قدره للمفلس  ،  فإن ظهرت له زيادة فكظهور غريم بعد القسمة  ،  ولو تلف بيد الحاكم ما أفرزه للغائب بعد أخذ الحاضر حصته أو إفرازها فعن القاضي أن الغائب لا يزاحم من قبض  [ ص: 327 ]   ( وقيل تنقض القسمة ) كما لو اقتسمت الورثة ثم ظهر وارث آخر فإن القسمة تنقض على الأصح  ،  وفرق الأول بأن حق الوارث في عين المال  ،  بخلاف حق الغريم فإنه في قيمته وهو يحصل بالمشاركة ( ولو )   ( خرج شيء باعه ) المفلس ( قبل الحجر مستحقا والثمن ) المقبوض ( تالف )    ( فكدين ظهر ) من غير هذا الوجه كما قاله الشارح    : أي مثل ذلك الدين  ،  والمراد بالمثل البدل ليشمل القيمة في المتقوم فسقط القول بأنه لا معنى للكاف بل هو دين ظهر حقيقة  ،  وحكم ذلك أنه يشارك المشتري الغرماء من غير نقض القسمة أو مع نقضها وسواء أتلف قبل الحجر أم بعده  ،  وخرج بقوله والثمن تالف ما لو كان باقيا فيرده ( وإن )   ( استحق شيء باعه الحاكم ) أو نائبه والثمن المقبوض تالف    ( قدم المشتري بالثمن ) أي ببدله على باقي الغرماء  ،  ولا يضارب به معهم لئلا يرغب الناس عن شراء مال المفلس فكان تقديمه من مصالح الحجر كأجرة الكيال  ،  وليس الحاكم ولا نائبه طريقا في الضمان ; لأنه نائب الشرع  ،  بخلاف ما لو باعه المفلس قبل الحجر فإنه إذا استحق بعد تلف الثمن يكون ثمنه دينا ظهر فيأتي فيه ما مر ( وفي قول يحاص الغرماء ) به كسائر الديون ; لأنه دين في ذمة المفلس ودفع بما مر 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					