( وحكمه في العبادة ) البدنية واجبة أو مندوبة ( كالرشيد ) لاجتماع الشرائط فيه ، أما منذورة المال كصدقة التطوع فليس كالرشيد فيه ، ومثله ما فيه ولاية وتصرف مالي كما أشار إليه بقوله : ( لكن لا يفرق الزكاة بنفسه ) لما تقرر .
نعم إن أذن له وليه وعين له المدفوع إليه صح صرفه كنظيره في الصبي المميز وكما يجوز للأجنبي توكيله فيه .
نعم ينبغي كما قاله الأذرعي أن يكون ذلك بحضرة الولي أو نائبه لاحتمال تلف المال لو خلا به أو دعواه صرفه كاذبا ، والكفارة ونحوها كالزكاة في ذلك ونذره في الذمة بالمال صحيح دون عين ماله والمراد بصحة نذره فيما ذكر ثبوته في ذمته إلى زوال حجره كما قاله السبكي وغيره ( وإذا ) ( أحرم ) حال الحجر ( بحج فرض ) أصلي أو قضاء أو منذور قبل الحجر وبعده إذا سلكنا به مسلك واجب الشرع وهو الأصح ( أعطى الولي كفايته لثقة ينفق عليه في طريقه ) ولو بأجرة أو يخرج الولي معه خوفا من تفريطه فيه ، وظاهر أن الحكم كذلك إذا أراد السفر للإحرام ، وأن العمرة كالحج فيما ذكر .
نعم إن قصر السفر ورأى الولي دفعها له جاز ، قاله بعضهم بحثا ، ولو فسد حجه المفروض بالجماع في حال سفهه لزمه المضي فيه والقضاء [ ص: 372 ] ويعطيه الولي نفقة القضاء كما اقتضاه إطلاق كلامه ، ومقتضى إطلاقهم كما قاله الإسنوي أن الحج الذي استؤجر قبل الحجر على أدائه له حكم ما تقدم وما ادعاه الإسنوي من أن الصواب حذف اللام من ثقة ; لأن أعطى يتعدى إلى اثنين بنفسه يرد بجواز ذلك للتقوية ( وإذا ) ( أحرم ) حال الحجر ( بتطوع ) من حج أو عمرة أو بنذر بعد الحجر وقلنا بسلوكه مسلك جائز الشرع ، وهو مقابل الأصح ( وزادت مؤنة سفره ) لإتمام النسك أو إتيانه به ( على نفقته المعهودة ) في الحضر ( فللولي منعه ) من الإتمام أو الإتيان به صيانة لماله ، وظاهر كلامه صحة إحرامه بدون إذن وليه .
ويفرق بينه وبين الصبي المميز كما قاله السبكي باستقلال السفيه ( والمذهب أنه كمحصر فيتحلل ) بعمل عمرة ; لأنه ممنوع من المضي والطريق الثاني وجهان : أحدهما هذا .
والثاني لا يتحلل إلا بلقاء البيت كمن فقد زاده وراحلته ( قلت : ويتحلل بالصوم ) والحلق مع النية ( إن قلنا لدم الإحصار بدل ) وهو الأظهر كما في الحج ( ; لأنه ممنوع من المال ) فإن قلنا لا بد له بقي في ذمة المحصر .
قال في المطلب : ويظهر بقاؤه في ذمة السفيه أيضا ( ولو كان له في طريقه كسب قدر زيادة المؤنة ) على نفقة الحضر أو لم يكن له كسب لكنها لم تزد ( لم يجز منعه ، والله أعلم ) لإمكان الإتمام بدون تعرض للمال ، وما نظر به في المطلب فيما إذا كان عمله مقصودا بالأجرة بحيث لا يجوز التبرع به نظر فيه الأذرعي بأنه وإن كان كذلك لا يعد مالا حاصلا فلا يلزمه تحصيله مع غناه ، بخلاف المال الموجود في يد الولي وتعجب الغزي [ ص: 373 ] مما ذكراه ; إذ المسألة مفروضة فيما إذا كان الكسب في طريقه بحيث لا يتأتى في غيره كما هو ظاهر عبارتهم .
أما لو أحرم بتطوع قبل الحجر ثم حجر عليه قبل إتمامه كان كالواجب كما في الروضة وأصلها في الحج .


