ومحل جواز ذلك في حق المسلم وإن لم يأذن له الإمام ، أما الذمي فيمنع من ذلك وإن جاز له الاستطراق ; لأنه كإعلاء بنائه على بناء المسلم أو أبلغ ، ويؤخذ منه أنه لا يمنع من الإشراع في محالهم وشوارعهم المختصة بهم في دار المسلمين كما في رفع البناء ، قاله ابن الرفعة بحثا ، وأفتى أبو زرعة بمنعه من البروز في البحر ببنائه على المسلمين قياسا على ذلك ، ولا يجوز الإشراع في هواء المسجد ، وألحق به الأذرعي ما قرب منه كمدرسة ورباط وتردد في هواء المقبرة هل [ ص: 394 ] يجوز الإشراع فيه أو يفرق بين كونها مسبلة أو في موات ، والأقرب أن ما حرم البناء فيها بأن كانت موقوفة أو اعتاد أهل البلد الدفن فيها يحرم الإشراع في هوائها بخلاف غيرها ، ولو أحوج الإشراع إلى وضع رمح الراكب على كتفه بحيث لا يتأتى نصبه لم يضر ; لأن وضعه على كتفه ليس بعسير ، ولو أشرع إلى ملكه ثم سبل ما تحت جناحه شارعا وهو يضر بالمارة أمر برفعه على ما بحثه الزركشي ، ولا يضر أيضا ضرر يحتمل عادة كعجن طين إذا بقي مقدار المرور للناس ، وإلقاء الحجارة فيه للعمارة إذا تركت بقدر مدة نقلها ، وربط الدواب فيه بقدر حاجة النزول والركوب ، ويؤخذ من ذلك منع ما جرت به عادة العلافين من ربط الدواب في الشوارع للكراء فلا يجوز ، وعلى [ ص: 395 ] ولي الأمر منعهم لما في ذلك من مزيد الضرر والرش الخفيف ، بخلاف إلقاء القمامات والتراب والحجارة والحفر التي بوجه الأرض والرش المفرط فإنه لا يجوز كما صرح به المصنف في دقائقه ، ومثله إرسال الماء من الميازيب إلى الطرق الضيقة .
قال الزركشي : وكذا إلقاء النجاسة فيه بل هو كالتخلي فيه فيكون صغيرة ا هـ .
وكونه صغيرة ضعيف كما مر فعليه إن كثرت كانت كالقمامات وإلا فلا .
وأفتى القاضي بكراهة ضرب اللبن وبيعه من ترابه إذا لم يضر بالمارة ، لكن قضية قول العبادي يحرم أخذ تراب سور البلد يقتضي حرمة أخذ تراب الشارع إلا أن يفرق بأن من شأن أخذ تراب السور أنه يضر فحرم مطلقا ، بخلاف تراب الشارع ففصل فيه بين المضر وغيره .


