( وليس لوكيل أن يوكل بلا إذن إن تأتى منه ما وكل فيه    ) لأن الموكل لم يرض بتصرف غيره ولا ضرورة كالمودع لا يودع  ،  وشمل كلامه ما لو أراد إرسال ما وكل في قبضه من دين مع بعض عياله فيضمن إن فعله خلافا للجوري  ،  وعلى رأيه يشترط في المرسل معه كونه أهلا للتسليم بأن يكون رشيدا  ،  ويؤخذ من تعليلهم منع التوكيل بما ذكر عدم الفرق بين وكلتك في بيعه وفي أن تبيعه  ،  وهو كذلك كما هو مقتضى إطلاق المصنف  خلافا للسبكي  حيث فرق بينهما فجوز التوكيل مطلقا في الأول دون الثاني ( وإن لم يتأت ) ما وكل  [ ص: 39 ] فيه منه ( لكونه لا يحسنه أو لا يليق به ) أو يشق عليه تعاطيه مشقة لا تحتمل في العادة كما هو واضح ( فله التوكيل ) عن موكله دون نفسه لأن التفويض لمثله إنما يقصد به الاستنابة  ،  ومن ثم لو كان الموكل جاهلا بحاله أو اعتقد خلاف حاله امتنع توكيله كما أفهمه كلام الرافعي    . 
وقال الإسنوي    : إنه ظاهر ويأتي مثله في قوله   ( ولو كثر ) الموكل فيه ( وعجز ) الوكيل ( عن الإتيان بكله )    ( فالمذهب أنه يوكل ) عن موكله فقط  ،  فلو وكل عن نفسه لم يصح أو أطلق وقع عن الموكل ( فيما زاد على الممكن ) دون غيره لأنه المضطر إليه بخلاف الممكن : أي في العادة بأن لا يكون فيه كبير مشقة لا تحتمل غالبا فيما يظهر  ،  وفي كلام مجلي  ما يقارب ذلك وتزييف مقابله القائل بأن المراد عدم تصور القيام بالكل مع بذل المجهود  ،  ولو طرأ العجز لطرو نحو مرض أو سفر امتنع توكيله كما في المطلب  ،  وكطرو العجز ما لو جهل الموكل حال توكيله ذلك كما يؤخذ مما مر آنفا عن الإسنوي  ،  فإن كان التوكيل في حال علمه بسفره أو مرضه جاز له ذلك ( ولو )   ( أذن ) الموكل في التوكيل    ( وقال ) للوكيل : ( وكل على نفسك ففعل فالثاني وكيل الوكيل ) على الأصح لأنه مقتضى الإذن  ،  وللموكل عزله أيضا كما أفهمه جعله وكيل وكيله  ،  إذ من ملك عزل الأصل ملك عزل فرعه بالأولى  ،  وعبارة المصنف  تفهم ذلك أيضا فلا اعتراض عليه ( والأصح )  [ ص: 40 ] على الأصح السابق ( أنه ) أي الثاني ( ينعزل بعزله ) أي الأول إياه ( وانعزاله ) بنحو موته أو جنونه أو عزل الموكل له لأنه نائبه وسيعلم من كلامه فيما ينعزل به الوكيل أنه ينعزل بغير ذلك  ،  والثاني لا ينعزل بذلك بناء على أنه وكيل عن الموكل ( وإن قال وكل عني ) وعين الوكيل أولا ففعل ( فالثاني وكيل الموكل ) لأنه مقتضى الإذن ( وكذا إن أطلق ) بأن لم يقل عنك ولا عني ( في الأصح ) إذ توكيله للثالث تصرف تعاطاه بإذن الموكل فوجب وقوعه عنه والثاني أنه وكيل الوكيل وكأنه قصد تسهيل الأمر عليه كما لو قال الإمام أو القاضي لنائبه : استنب فاستناب فإنه نائب عنه لا عن منيبه وفرق الأول بأن الوكيل ناظر في حق موكله فحمل الإطلاق عليه وتصرفات القاضي للمسلمين فهو نائب عنهم ولذا نفذ حكمه لمستنيبه  ،  وعليه فالغرض بالاستنابة معاونته وهو راجع له ( قلت    : وفي هاتين الصورتين ) وهما إذا قال عني أو أطلق ( لا يعزل أحدهما الآخر ولا ينعزل بانعزاله ) لانتفاء كونه وكيلا عنه ( وحيث جوزنا للوكيل التوكيل ) عنه أو عن الموكل   ( يشترط أن يوكل أمينا )  كافيا لذلك التصرف وإن عين له الثمن  ،  والمشتري إذ شرط الاستنابة عن الغير المصلحة ( إلا أن يعين الموكل غيره ) أي الأمين فيتبع تعيينه لإذنه فيه . 
نعم لو علم الوكيل فسقه دون موكله لم يوكله فيما يظهر كما بحثه الإسنوي  كما لا يشتري ما عينه موكله ولم يعلم عيبه والوكيل يعلمه  ،  فإن عين له فاسقا فزاد فسقه امتنع توكيله أيضا كما بحثه الزركشي  أخذا مما مر في نظيره في عدل الرهن لو زاد فسقه  ،  ومحل ما تقرر فيمن وكل عن نفسه فإن وكل عن غيره كولي لم يوكل إلا عدلا  ،  ومقتضى كلام المصنف  عدم توكيل غير الأمين وإن  [ ص: 41 ] قال له : وكل من شئت وهو كذلك خلافا للسبكي  ،  وفارق ما لو قالت لوليها : زوجني ممن شئت  حيث جاز له تزويجها من غير كفء بأن المقصود هنا حفظ المال وحسن التصرف فيه وغير الأمين لا يتأتى منه ذلك  ،  وثم مجرد صفة كمال هي الكفاءة  ،  وقد يتسامح بتركها بل قد يكون غير الكفء أصلح   ( ولو وكل ) الوكيل ( أمينا ) في شيء من الصورتين المتقدمتين    ( ففسق لم يملك الوكيل عزله في الأصح  ،  والله أعلم ) لأنه أذن في التوكيل دون العزل . 
والثاني نعم لأن الإذن في التوكيل يقتضي توكيل الأمناء فإذا فسق لم يجز استعماله فيجوز عزله . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					