( والأخماس الأربعة ) أي الباقي منها بعد السلب والمؤن ( عقارها ومنقولها للغانمين ) للآية وفعله صلى الله عليه وسلم ( وهم من حضر الوقعة ) يعني قبل الفتح ولو بعد الإشراف عليه ( بنية القتال ) وقيده بعض الشارحين بمن يسهم له ولا حاجة إليه ; لأن من يرضخ له من جملة الغانمين كما يعلم مما يأتي ، وقد صرح بذلك السبكي والمخذل والمرجف لا نية لهما صحيحة في القتال فلا يردان ( وإن لم يقاتل ) أو قاتل وحضر بنية .
[ ص: 148 ] أخرى لقول أبي بكر وعمر : إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة ولا مخالف لهما من الصحابة ; ولأن القصد تهيؤه للجهاد ; ولأن الغالب أن الحضور يجر إليه ; ولأن فيه تكثير سواد للمسلمين فعلم أنه لو هرب أسير من كفار فحضر بنية خلاص نفسه دون القتال لم يستحق إلا إن قاتل ، لكن محله فيمن لم يكن من ذلك الجيش وإلا استحق فيما يظهر ، ولو انهزم حاضر غير متحرف ولا متحيز لفئة قريبة لم يستحق شيئا مما غنم في غيبته ، ولا يرد ذلك ; لأن انهزامه أبطل نية القتال ، فإن عاد أو حضر شخص الوقعة في الأثناء لم يستحق إلا مما غنم بعد حضوره ويصدق بيمينه متحرف لقتال أو متحيز لفئة قريبة إن عاد قبل انقضاء الحرب فيشارك في الجميع ، والسرايا المبعوثة إلى دار الحرب لكل سرية غنمها ولا يشتركون فيه إلا إن تعاونوا واتحد أميرهم والجهة ، فإن بعثهم الإمام أو الأمير من دار الحرب فكلهم جيش واحد فيشتركون فيما غنمه كل منهم وإن اختلفت الجهات المبعوث إليها وفحش البعد عنهم ، ويلحق بكل جاسوسها وحارسها وكمينها ، ولا يرد واحد من هؤلاء على كلامه ; لأنهم في حكم الحاضرين ( ولا شيء لمن حضر بعد انقضاء القتال ) لما مر ( وفيما ) لو حضر ( قبل حيازة المال ) جميعه بعد انقضاء الوقعة ( وجه ) أنه يعطى للحوقه قبل تمام الاستيلاء ، والأصح المنع ; لأنه لم يشهد شيئا من الوقعة ( ولو مات بعضهم بعد انقضائه والحيازة فحقه ) أي حق تملكه كما قاله ابن الرفعة ، وقال الأذرعي : إن كلامهم محمول عليه لما سيذكر أن الغنيمة لا تملك إلا بالقسمة أو اختيار التملك ( لوارثه ) كسائر الحقوق ( وكذا ) لو مات بعضهم ( بعد الانقضاء ) للقتال ( وقبل الحيازة ) ( في الأصح ) لوجود المقتضي للتمليك وهو انقضاء القتال .
والثاني لا بناء على أنها تملك بالانقضاء مع الحيازة ( ولو ) ( مات في ) أثناء ( القتال ) قبل حيازة شيء ( فالمذهب أنه لا شيء له ) فلا حق لوارثه في شيء أو بعد حيازة شيء فله حصته منه وفارق استحقاقه لسهم فرسه الذي مات أو خرج عن ملكه في الأثناء ولو قبل الحيازة بأنه أصل والفرس تابع فجاز بقاء سهمه للمتبوع ، ومرضه وجرحه في الأثناء غير مانع له من الاستحقاق وإن لم يكن مرجوا ، والجنون والإغماء كالموت ( والأظهر أن ) ( الأجير ) إجارة عين ( لسياسة الدواب وحفظ الأمتعة والتاجر والمحترف ) كالخياط ( يسهم لهم إذا قاتلوا ) لشهودهم الوقعة وقتالهم .
والثاني لا ; لأنهم لم يقصدوا الجهاد .
أما من وردت الإجارة على ذمته أو بغير مدة كخياطة ثوب فيعطى وإن لم يقاتل ، وأما الأجير للجهاد فإن كان مسلما فلا أجرة له لبطلان إجارته ; لأنه بحضور الصف تعين عليه ، ولم يستحق السهم في أحد وجهين قطع به البغوي ، واقتضى كلام الرافعي ترجيحه ، وهو المعتمد لإعراضه عنه بالإجارة المنافية له ولم يحضر [ ص: 149 ] مجاهدا ، وبهذا يفرق بينه وبين نحو التجارة ; لأنها لا تنافيه ، ومن ثم أثرت نية القتال معها كما تقرر .


