( فصل ) في كفارة القتل 
والأصل فيها قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ  فتحرير رقبة مؤمنة    } وقوله { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة    } والقصد منها تدارك ما فرط من التقصير وهو في الخطأ الذي لا إثم فيه ترك التثبت مع خطر الأنفس   ( تجب بالقتل كفارة ) على الفاعل غير الحربي  ،  وتجب فورا في عمد  تداركا لإثمه بخلاف الخطأ  ،  وخرج بالقتل غيره فلا تجب فيه لعدم وروده ( وإن كان القاتل ) المذكور ( صبيا ) وإن لم يكن مميزا  ،  وتقدم أن غير المميز لو قتل بأمر غيره  ضمن آمره دونه  ،  وقضيته أن الكفارة كذلك كما نبه عليه الأذرعي    ( ومجنونا ) ; إذ غاية فعلهما أنه خطأ وهي واجبة فيه وعدم لزومهما كفارة وقاعهما لارتباطها بالتكليف وليسا من أهله  ،  والمدار هنا على الإزهاق احتياطا للحياة فيعتق الولي عنهما كما جزم به ابن المقري  في روضه تبعا لجمع  ،  ونص عليه  الشافعي  ،  وما ذكره الشيخان  في الصداق من عدم جواز إعتاقه عن الصبي حمله بعضهم على ما إذا  [ ص: 385 ] كانت على التراخي  ،  وما هنا على ما إذا كانت على الفور أو على ما إذا كان العتق تبرعا والجواز على الواجب  ،  والقياس أن السفيه يعتق عنه وليه  ،  فإن فقد وصام الصبي المميز أجزأه وللأب والجد الإعتاق والإطعام عنهما من مالهما لا نحو وصي وقيم  ،  بل يتملك الحاكم لهما ثم يعتق الوصي ونحوه عنهما ( وعبدا ) وأمة فيكفران بالصوم   ( وذميا ) قتل معصوما مسلما أو غيره  نقض العهد أولا ومعاهدا ومؤمنا  ،  ويتصور إعتاق الكافر للمسلم بأن يرثه أو يستدعي عتقه ببيع ضمني ( وعامدا ) كالمخطئ بل أولى . 
لأن حاجته إلى الجبر أعظم ( ومخطئا ) إجماعا  ،  ولم يتعرض لشبه العمد للعلم به مما ذكره لأخذه شبها منهما ومأذونا له في القتل من المقتول ( ومتسببا ) كمكره وآمر لغير مميز وشاهد زور وحافر عدوانا  ،  وإن حصل التردي بعد موت الحافر فالمراد بالمتسبب ما يشمل صاحب الشرط  ،  أما الحربي الذي لا أمان له  ،  والجلاد القاتل بأمر الإمام ظلما  ،  وهو جاهل بالحال  فلا كفارة عليهما لعدم التزام الأول  ،  ولأن الثاني سيف الإمام وآلة سياسته ( بقتل ) معصوم عليه نحو ( مسلم ولو بدار حرب ) وإن لم يجب فيه قود ولا دية في صوره السابقة أول الباب لقوله تعالى { فإن كان من قوم عدو لكم    } الآية : أي فيهم ( وذمي ) كمعاهد ومؤمن كما في آخر الآية وكمرتد بأن قتله مرتد مثله لما مر أنه معصوم عليه  ،  ويقاس به نحو زان محصن وتارك صلاة وقاطع طريق بالنسبة لمثله ; لأنه معصوم عليه  ،  بخلاف هؤلاء بالنسبة لغير مثلهم لإهدارهم . 
 [ ص: 386 ] نعم قاطع الطريق لا بد فيه من إذن الإمام وإلا وجبت كالدية ( وجنين ) مضمون ; لأنه آدمي معصوم ( وعبد نفسه ) لذلك ولأن الكفارة حق الله تعالى ( ونفسه ) فتخرج من تركته لذلك أيضا  ،  ومن ثم لو هدر كالزاني المحصن لم تجب فيه كما استظهره بعض الشراح وإن أثم بقتل نفسه كما لو قتله غيره افتياتا على الإمام ( وفي ) قتل ( نفسه )    ( وجه ) أنها لا تجب فيها كما لا ضمان  ،  ويرد بوضوح الفرق وهو أن الكفارة حق له تعالى  ،  فلم يسقط بفعله بخلاف الضمان ( لا ) في قتل ( امرأة وصبي حربيين )  وإن حرم ; لأنه ليس لعصمتهما بل لتفويت إرقاقهما على المسلمين وكالصبي الحربي المجنون الحربي   ( وباغ ) قتله عادل حال القتال وعكسه ( وصائل ) قتله من صال عليه  لإهدارهما بالنسبة لقاتلهما حينئذ   ( ومقتص منه ) قتله المستحق  ولو لبعض القود . 
لأنه مهدر بالنسبة إليه  ،  ولا تجب على عائن  ،  وإن كانت العين حقا ; لأنها لا تعد مهلكا عادة  ،  على أن التأثير يقع عندها لا بها حتى بالنظر للظاهر  ،  وقيل ينبعث منها جواهر لطيفة غير مرئية فتتخلل المسام فيخلق الله تعالى الهلاك عندها . ومن أدويتها المجربة التي أمر بها صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ العائن : أي يغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره : أي ما يلي جسده من الإزار ويصبه على رأس المعيون ( وعلى كل من الشركاء كفارة  في الأصح ) ; لأنها حق يتعلق بالقتل فلا يتبعض كالقصاص  ،  وبه فارقت الدية ولأنها وجبت لهتك الحرمة لا بدلا  ،  وبه فارقت جزاء الصيد . والثاني على الجميع كفارة ( وهي ك ) كفارة ( ظهار ) في جميع ما مر فيها فيعتق من يجزئ ثم  ،  ثم يصوم شهرين متتابعين كما مر ثم أيضا للآية ( لكن لا إطعام فيها ) عند العجز عن الصوم ( في الأظهر ) ; إذ لا نص فيه  ،  والمتبع في الكفارات النص لا القياس  ،  والمطلق إنما يحمل على المقيد في الأوصاف كالإيمان في الرقبة لا الأشخاص كالإطعام هنا . 
والثاني نعم ككفارة الظهار  ،  وعلم مما مر في الصوم أنه لو مات قبلها أطعم عنه . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					