ويشترط لصحة الركوع كونه ( بطمأنينة ) لخبر المسيء صلاته المار ، وأقلها أن تستقر أعضاؤه راكعا ( بحيث ينفصل رفعه ) من ركوعه ( عن هويه ) بفتح الهاء أفصح من ضمها : أي سقوطه ، فزيادة الهوي لا تقوم مقام الطمأنينة ( ولا يقصد به ) أي بالهوي ( غيره ) أي الركوع سواء أقصده أم لا كسائر الأركان لانسحاب نية الصلاة على ذلك ( فلو هوى لتلاوة فجعله ركوعا لم يكف ) لوجود الصارف فعليه أن ينتصب ليركع ، فلو قرأ إمامه آية سجدة ثم ركع عقبها فظن المأموم أنه هوى لسجدة التلاوة فهوى لذلك معه فرآه لم يسجد فوقف عن السجود هل [ ص: 498 ] يحسب له هذا عن الركوع ؟ الأقرب كما قاله الزركشي .
نعم ويغتفر ذلك للمتابعة فقد جزم به بعضهم ، وفي الروضة ما يشهد له فقال : لو قام الإمام إلى خامسة سهوا وكان قد أتى بالتشهد في الرابعة على نية التشهد الأول لم يحتج إلى إعادته على الصحيح انتهى .
وهذا أولى لأنه إذا قام المستحب مقام الواجب فلأن يقوم الواجب عن غيره بطريق الأولى وقول بعض المتأخرين : الأقرب عندي أنه يعود للقيام ثم يركع لا وجه له لفوات محله ، ولو قرأ آية سجدة وقصد أن لا يسجد ويركع فلما هوى عن له أن يسجد للتلاوة فإن كان قد انتهى إلى حد الراكعين فليس له ذلك وإلا جاز ( وأكمله ) أي : الركوع ( تسوية ظهره وعنقه ) كالصفيحة للإتباع رواه مسلم ويكره تركه نص عليه في الأم ( ونصب ساقيه ) وفخذيه لأنه أعون ولا يثني ركبتيه والساق مؤنثة ( وأخذ ركبتيه بيديه ) أي بكفيه للاتباع رواه البخاري ( وتفريق أصابعه ) تفريقا وسطا للاتباع ، رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي من غير ذكر الوسط ( للقبلة ) أي لجهتها لأنها أشرف الجهات ، واحترز بذلك عن أن يوجه أصابعه إلى غير جهتها من يمنة أو يسرة ، قاله الولي العراقي .
وفيه إشارة للجواب عن قول ابن النقيب لم أفهم معناه ولو تعذر وضع يديه أو إحداهما فعل الممكن ( ويكبر في ابتداء هويه ) للركوع ( ويرفع يديه كإحرامه ) وقد تقدم للإتباع رواه الشيخان لكن يسن أن يكون ابتداء الرفع [ ص: 499 ] وهو قائم مع ابتداء تكبيره ، فإذا حاذى كفاه منكبيه انحنى قاله في المجموع نقلا عن الأصحاب ، وفي البيان وغيره نحوه وصوبه الإسنوي .
قال في الإقليد : لأن الرفع حال الانحناء متعذر أو متعسر انتهى .
ويكون التشبيه في كلام المصنف بالنظر للرفع إذ لا يلزم أن يعطى المشبه حكم المشبه به من كل وجه فسقط ما قيل إن ما اقتضاه كلامه من أن الهوي يقارن الرفع ضعيف .


