قال مهنا : سمعت أبا عبد الله يقول : كان إسماعيل ابن علية يضع في الحديث ما لا يحل له في الشفاعات ، ونحن على الباب نتضور وقال في رواية الفضل بن زيادة : كان لا ينصفهم في الحديث يعني إسماعيل قلت : كيف كان لا ينصف ؟ قال كان يحدث بالشفاعات قلت : فإن كان رجل له إخوان يخصهم بالحديث لا ترى ذلك قال ما أحسن الإنصاف ؟ ما أرى يسلم أهل الحديث من هذا قلت : وإن كان رجل يقرئ رجلا مائتي آية ، ويقرئ آخر مائة آية ما تقول فيه ؟ فقال : ينبغي أن ينصف بين الناس وقلت له : إنه يأخذ على هذا مائتي آية لأنه يرجو أن يكون عاملا به ، ويأخذ على هذا أقل لأنه لا يبلغ هذا في العمل ، ما ترى فيه قال ما أحسن الإنصاف في كل شيء .
وقال في رواية المروذي عيسى كان منتصبا للناس وحفص كان يحدث بالشفاعة .
وروى الخلال : أخبرني العباس بن محمد الدوري ثنا أبو سليمان الأشقر قال : كنا عند حماد بن زيد بالبصرة فجعل يقبل على أهل البصرة ويحدثهم فقلنا : تقبل على هؤلاء وتدعنا قال : أهل بلدي أحق بالحديث منكم ، وسمعت العباس بن محمد الدوري يقول : ربما كنا عند أحمد بن حنبل أيام الحج فيجيئه أقوام من الحجاج ، فيقبل عليهم ويحدثهم فربما قلنا له في ذلك فيقول : هؤلاء قوم غرباء وإلى أيام يخرجون .
وعن سفيان الثوري أنه جاء إلى يونس فأخذ يسأله ويملي عليه ومعه ألواح ، فلما قام قالوا : نسألك فلا تحدثنا وتحدث سفيان قال : سفيان غريب وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : لن تزالوا بخير ما دام العالم يعدل بينكم بعلمه لا يحيف . وعن أبي العالية في قوله تعالى { ولا تصعر خدك للناس } . [ ص: 107 ] قال : يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء وقال ابن عون : كلموا محمدا في رجل يحدثه فقال : لو كان رجل من الزنج لكان عندي وعبد الله بن محمد في هذا سواء .
وقال جعفر بن محمد : من أنصف الناس من نفسه قضى به حكما لغيره .
وقال الشاعر :
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته على طرف الهجران إن كان يعقل
وقالوا ثلاثة من حقائق الإيمان : الاقتصاد في الإنفاق ، والابتداء بالسلام ، والإنصاف من نفسك وقال مالك بن دينار : وليس في الناس شيء أقل من الإنصاف وقال جعفر بن سعد : ما أقل الإنصاف وما أكثر الخلاف ، والخلاف موكل بكل شيء حتى القذاة في رأس الكوز ، فإذا أردت أن تشرب الماء حارت إلى فيك ، وإذا أردت أن تصب عن رأس الكوز لتخرج رجعت .قال الشاعر :
آخ الكرام المنصفين وصلهم واقطع مودة كل من لا ينصف
إذا ما لم يكن لك حسن فهم أسأت إجابة وأسأت سمعا


