وروى  مسلم  عن  أنس  قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم { إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها في الدنيا ، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته    } قال في شرح  مسلم  المؤمن يدخر له حسناته وثواب أعماله إلى الآخرة  ويجزى بها مع ذلك أيضا في الدنيا ولا مانع من جزائه بها في الدنيا والآخرة ، وقد ورد الشرع به فيجب اعتقاده . 
وفي صحيح  مسلم  عنه  عليه الصلاة والسلام قال : { ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم الأجر    } حمله في شرح  مسلم  على ظاهره وقال : وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر قال : وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة  رضي الله عنهم كقولهم : منا من مات ولم يأكل من أجره شيئا ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها أي يجتنيها . 
وذكر فيه أقوالا وضعفها وقال : إن هذا الصواب الذي لا يجوز غيره واختار  القاضي عياض  معناه واختاره الشيخ تقي الدين  ، وقد قال بعضهم : إن الخبر  [ ص: 205 ] المذكور في تنقيص أجر من غنم لا يصح ، وإنه لا يجوز أن ينقص ثواب أهل بدر  قال بعضهم وراوي هذا الخبر أبو هانئ حميد بن هانئ  مجهول ; ولأن في الصحيحين أن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة وأجيب بأن أبا هانئ  ثقة مشهور روى عنه  الليث  وغيره من الأئمة . 
وليس في غنيمة بدر  نص إنهم لو لم يغنموا لكان أجرهم على قدر أجرهم ، وقد غنموا فقط ، ولا تعارض بين هذا الخبر وبين الخبر الآخر فإنه لم يقل : إن الغنيمة تنقص الأجر أم لا  ، ولا قال : أجره كأجر من لم يغنم ، وزعم بعضهم أن الذي تعجل ثلثي أجره إنما هو في غنيمة أخذت على غير وجهها ، وزعم بعضهم أن المراد أن التي لم تغنم يكون لها أجر بالأسف على ما فاتها من الغنيمة فيضاعف ثوابها كما يضاعف ثواب من أصيب في ماله وأهله ، وزعم بعضهم أنه محمول على من خرج بنية الغزو والغنيمة معا فينقص الله ثوابه والله أعلم . 
قال  ابن حزم  على قوله تعالى في إبراهيم    : { وإنه في الآخرة لمن الصالحين     } : قال له هناك جزاء الصالحين غير منقوص من الآخرة بما أعطي في الدنيا من الآخرة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					