[ ص: 186 ]  [ ص: 187 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة المطففين  
سميت هذه السورة في كتب السنة وفي بعض التفاسير ( سورة ويل للمطففين ) ، وكذلك ترجمها  البخاري  في كتاب التفسير من صحيحه ،  والترمذي  في جامعه . 
وسميت في كثير من كتب التفسير والمصاحف ( سورة المطففين ) اختصارا . 
ولم يذكرها في الإتقان في عداد السور ذوات أكثر من اسم وسماها ( سورة المطففين ) وفيه نظر . 
وقد اختلف في كونها مكية أو مدنية أو بعضها مكي وبعضها مدني . فعن  ابن مسعود  والضحاك  ومقاتل  في رواية عنه : أنها مكية ، وعن  ابن عباس  في الأصح عنه وعكرمة  والحسن  والسدي  ومقاتل  في رواية أخرى عنه : أنها مدنية ، قال : وهي أول سورة نزلت بالمدينة ، وعن  ابن عباس  في رواية عنه وقتادة    : هي مدنية إلا ثماني آيات من آخرها من قوله : إن الذين أجرموا  إلى آخرها . 
وقال الكلبي   وجابر بن زيد    : نزلت بين مكة  والمدينة  فهي لذلك مكية ; لأن العبرة في المدني بما نزل بعد الهجرة على المختار من الأقوال لأهل علم القرآن . 
قال ابن عطية    : احتج جماعة من المفسرين على أنها مكية بذكر الأساطير فيها أي : قوله : إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين    . والذي نختاره : أنها نزلت قبل الهجرة ; لأن معظم ما اشتملت عليه التعريض بمنكري البعث . 
ومن اللطائف أن تكون نزلت بين مكة  والمدينة ;  لأن التطفيف كان فاشيا في البلدين . وقد حصل من اختلافهم أنها : إما آخر ما أنزل بمكة  وإما أول ما أنزل بالمدينة ،  والقول بأنها نزلت بين مكة  والمدينة  قول حسن . 
 [ ص: 188 ] فقد ذكر الواحدي  في أسباب النزول عن  ابن عباس  قال : لما قدم النبيء - صلى الله عليه وسلم - المدينة  كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله تعالى ويل للمطففين  فأحسنوا الكيل بعد ذلك   . 
وعن القرظي    " كان بالمدينة  تجار يطففون الكيل وكانت بياعاتهم كسبة القمار والملامسة والمنابذة والمخاصرة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السوق وقرأها ، وكانت عادة فشت فيهم من زمن الشرك فلم يتفطن بعض الذين أسلموا من أهل المدينة   لما فيه من أكل مال الناس . فأريد إيقاظهم لذلك ، فكانت مقدمة لإصلاح أحوال المسلمين في المدينة  مع تشنيع أحوال المشركين بمكة  ويثرب  بأنهم الذين سنوا التطفيف " . 
وما أنسب هذا المقصد بأن تكون نزلت بين مكة  والمدينة  لتطهير المدينة  من فساد المعاملات التجارية قبل أن يدخل إليها النبيء - صلى الله عليه وسلم - لئلا يشهد فيها منكرا عاما فإن الكيل والوزن لا يخلو وقت عن التعامل بهما في الأسواق وفي المبادلات . 
وهي معدودة السادسة والثمانين في عداد نزول السور ، نزلت بعد سورة العنكبوت وقبل سورة البقرة . 
وعدد آيها ست وثلاثون . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					