العشرون : إذا كان الحديث عن رجلين : أحدهما مجروح مثل أن يكون عن ثابت البناني ، وأبان بن أبي عياش ، عن أنس ، فلا يستحسن إسقاط المجروح من الإسناد ، والاقتصار على ذكر الثقة ، خوفا من أن يكون فيه عن المجروح شيء لم يذكره الثقة ، قال نحوا من ذلك أحمد بن حنبل ، ثم الخطيب أبو بكر .
قال الخطيب : " وكان [ ص: 235 ] مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروح من الإسناد ، ويذكر الثقة ، ثم يقول : " وآخر " كناية عن المجروح ، قال : " وهذا القول لا فائدة فيه " .
قلت : وهكذا ينبغي إذا كان الحديث عن رجلين ثقتين أن لا يسقط أحدهما منه ، لتطرق مثل الاحتمال المذكور إليه ، وإن كان محذور الإسقاط فيه أقل ، ثم لا يمتنع ذلك في الصورتين امتناع تحريم ; لأن الظاهر اتفاق الروايتين ، وما ذكر من الاحتمال نادر بعيد ، فإنه من الإدراج الذي لا يجوز تعمده كما سبق في نوع المدرج ، والله أعلم .
الحادي والعشرون : إذا سمع بعض حديث من شيخ ، وبعضه من شيخ آخر ، فخلطه ، ولم يميزه ، وعزى الحديث جملة إليهما ، مبينا أن عن أحدهما بعضه ، وعن الآخر بعضه ، فذلك جائز ، كما فعل الزهري في حديث الإفك ، حيث رواه ، عن عروة ، وابن المسيب ، وعلقمة بن وقاص الليثي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة رضي الله عنها ، وقال : " وكلهم حدثني طائفة من حديثها ، قالوا : قالت : . . . . الحديث " .
ثم إنه ما من شيء من ذلك الحديث إلا وهو في الحكم كأنه رواه عن أحد الرجلين على الإبهام ، حتى إذا كان أحدهما مجروحا لم يجز [ ص: 236 ] الاحتجاج بشيء من ذلك الحديث ، وغير جائز لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد الراويين ، ويروي الحديث عن الآخر وحده ، بل يجب ذكرهما جميعا مقرونا بالإفصاح بأن بعضه عن أحدهما ، وبعضه عن الآخر ، والله أعلم .


