الحادية عشرة : إذا  روى ثقة عن ثقة حديثا وروجع المروي عنه      [ ص: 117 ] فنفاه   فالمختار أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال : " ما رويته ، أو كذب علي " أو نحو ذلك ، فقد تعارض الجزمان ، والجاحد هو الأصل ، فوجب رد حديث فرعه ذلك ، ثم لا يكون ذلك جرحا له يوجب رد باقي حديثه ؛ لأنه مكذب لشيخه أيضا في ذلك ، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه ، فتساقطا .  
أما إذا قال المروي عنه : " لا أعرفه ، أو لا أذكره " أو نحو ذلك ، فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه .  
ومن روى حديثا ثم نسيه لم يكن ذلك مسقطا للعمل به عند جمهور أهل الحديث ، وجمهور الفقهاء ، والمتكلمين ، خلافا لقوم من أصحاب  أبي حنيفة  صاروا إلى إسقاطه بذلك ، وبنوا عليه ردهم حديث   سليمان بن موسى  عن   الزهري  ، عن  عروة  ، عن  عائشة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل . . .     " الحديث ، من أجل أن   ابن جريج  قال : " لقيت   الزهري  فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه " .  
وكذا حديث   ربيعة الرأي  عن   سهيل بن أبي صالح  ، عن أبيه ، عن   أبي هريرة     : "  أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين     " فإن   عبد العزيز بن محمد الدراوردي  قال : " لقيت  سهيلا  فسألته عنه ، فلم      [ ص: 118 ] يعرفه " .  
والصحيح ما عليه الجمهور ؛ لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان ، والراوي عنه ثقة جازم ، فلا يرد بالاحتمال روايته ، ولهذا كان  سهيل  بعد ذلك يقول : حدثني  ربيعة  عني ، عن أبي ويسوق الحديث .  
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعد ما حدثوا بها عمن سمعها منهم ، فكان أحدهم يقول : " حدثني فلان عني ، عن فلان ، بكذا وكذا .  
وجمع الحافظ  الخطيب  ذلك في كتاب ( أخبار من حدث ونسي ) .  
ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء " ، منهم   الشافعي  قال  لابن عبد الحكم     : " إياك والرواية عن الأحياء " ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					