فصل :  
فإذا ثبت بما ذكرنا من الكتاب والسنة والإجماع إباحة قتالهم على بغيهم ، فقتالهم معتبر بثلاثة شروط متفق عليها ، ورابع مختلف فيه .      [ ص: 102 ] أحدها : أن  يكونوا في منعة ، بكثرة عددهم ، لا يمكن تفريق جمعهم إلا بقتالهم      . فإن كانوا آحادا لا يمتنعون استوفيت منهم الحقوق ، ولم يقاتلوا .  
قال  الشافعي      : قتل  عبد الرحمن بن ملجم   عليا   رضوان الله عليه متأولا ، فأقيد به .  
يعني : أنه لما انفرد ولم يمتنع بعدد ، لم يؤثر تأويله في أخذ القود منه .  
والشرط الثاني : أن  يعتزلوا عن دار أهل العدل بدار ينحازون إليها ويتميزون بها   ،  كأهل الجمل   وصفين      .  
فإن كانوا على اختلاط بأهل العدل ، ولم ينفردوا عنهم : لم يقاتلوا .  
روي  أن  عليا   رضي الله عنه كان يخطب ، فسمع رجلا يقول : لا حكم إلا لله - تعريضا بالرد عليه فيما كان من تحكيمه - فقال  علي      : كلمة حق أريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ، ولا نبدؤكم بقتال     .  
والشرط الثالث : أن  يخالفوه بتأويل محتمل   ، كالذي تأوله  أهل الجمل   وصفين   من المطالبة بدم  عثمان   رضي الله عنه .  
فإذا باينوا من غير تأويل ، أجري عليهم حكم الحرابة وقطاع الطريق .  
وأما الرابع المختلف فيه : فهو  نصب إمام لهم يجتمعون على طاعته ، وينقادون لأمره   ، ففيه وجهان :  
أحدهما : وهو قول طائفة : إنه شرط يستحق به قتالهم ، ليستقر به تميزهم ومباينتهم .  
والوجه الثاني : وهو قول الأكثرين من أصحاب  الشافعي      : إنه ليس بشرط في قتالهم .  
لأن  عليا   عليه السلام قاتل  أهل الجمل   ولم يكن لهم إمام ، وقاتل  أهل  صفين    قبل أن ينصبوا إماما لهم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					