( ويقضي المقيم المتيمم    ) وجوبا ( لفقد الماء ) لأن فقده في الإقامة نادر بخلافه في السفر وفي قول لا يقضي ( لا المسافر ) المتيمم لفقد الماء وإن كان سفره قصيرا لعموم فقده فيه لما روي { أن رجلين تيمما في سفر وصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما بالوضوء دون الآخر . ثم ذكرا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذي أعاد : لك الأجر مرتين  ،  وللآخر : أصبت السنة وأجزأتك صلاتك   } وتعبيرهم بمكان التيمم جرى على الغالب من عدم اختلاف مكان التيمم والصلاة به في ندرة فقد الماء وعدم ندرته  ،  فإن اختلفا في ذلك فالاعتبار حينئذ بمكان الصلاة به كما أفتى بذلك الوالد  رحمه الله  ،  ولو دخل المسافر في طريقه قرية وعدم الماء وصلى بالتيمم   [ ص: 320 ] وجب القضاء  ،  فالتعبير بالإقامة والسفر جرى على الغالب إذ المدار في القضاء على ندرة فقد الماء لا بالإقامة . 
وفي عدمه على كثرة فقد الماء لا بالسفر  ،  أو أقام في مفازة وطالت إقامته وصلاته بالتيمم فلا قضاء  ،  ولو استوى الوجود والعدم فالمتجه عدم القضاء ( إلا العاصي بسفره في الأصح ) كعبد آبق وامرأة ناشزة  ،  لأن عدم القضاء رخصة فلا يناط بسفر المعصية  ،  ولأنه لما لزمه فعله خرج عن مضاهاة الرخص المحضة  ،  قاله الإمام    . 
قيل ويؤخذ منه أن الواجب ليس برخصة محضة  ،  ومن ثم قال السبكي    : هو رخصة من حيث قيام سبب الحكم الأصلي  ،  وعزيمة من حيث وجوبه وتحتمه ا هـ . 
وبه يجمع بين من عبر في أكل المضطر الميتة بأنه رخصة  ،  ومن عبر بأنه عزيمة . 
وأما تردد الإمام  في موضع أن الوجوب هل يجامع الرخصة فيحمل على أن مراده هل يجامع الرخصة المحضة . 
وقد يقال : الأوجه ما صرح به كلامهم أن الوجوب يجامع الرخصة المحضة وأنه لا ينافي تغيرها إلى سهولة  ،  لأن الوجوب فيها لما كان موافقا لغرض النفس من حيث إنه أخف عليها من الحكم الأصلي غالبا لم يكن منافيا لها لما فيها من التسهيل  ،  ويصح تيممه فيه إن فقد الماء حسا لا شرعا لنحو مرض وعطش . 
فلا يصح تيممه حتى يتوب لقدرته على زوال مانعه بالتوبة  ،  ولو عصى بالإقامة بمحل لا يغلب فيه وجود الماء وتيمم لفقده  لم يلزمه القضاء لأنه ليس محلا للرخصة بطريق الأصالة حتى يفترق الحال بين العاصي وغيره بخلاف السفر . 
فاندفع ما للسبكي  هنا وخرج العاصي في سفره كأن زنى أو سرق فيه فإنه لا قضاء عليه  ،  لأن المرخص غير ما به المعصية . 
والثاني لا يقضي لأنه لما وجب عليه صار عزيمة  ،  ومعلوم أن الجمعة لا تقضى فيفعلها ويقضي الظهر كما قاله بعض المتأخرين . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					